كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 10)

@ 380 @
احرقوا خيامهم ومجانيقهم وأثقالهم وأرادوا الزحف الى المسلمين ومقاتلتهم لعلهم يقدرون على العود الى دمياط فرأوا ما أملوه بعيدا وحيل بينهم وبين ما يشتهون لكثرة الوحل والمياه حولهم والوجه الذي يقدرون على سلوكه قد ملكه المسلمون فلما تيقنوا أنهم قد أحيط بهم من سائر جهاتهم وأن ميرتهم قد تعذر عليهم وصولها وان المنايا قد كشرت لهم عن أنيابها ذلت نفوسهم وتنكست صلبانهم وضل عنهم شيطانهم فراسلوا الملك الكامل والأشرف يطلبون الأمان ليسلموا دمياط بغير عوض فبينما المراسلات مترددة اذ اقبل جيش كبير لهم رهجشديد وجلبة عظيمة من جهة دمياط فظنه المسلمون نجدة اتت للفرنج فاستشعروا وإذ هو الملك المعظم صاحب دمشق قد وصل اليهم وكان قد جعل طريقه على دمياط لما ذكرناه فاستدت ظهور المسلمين وازداد الفرنج خذلانا ووهنا وتمموا الصلح على تسليم دمياط واستقرت القاعدة والأيمان سابع رجب من سنة ثمان عشر وستمائة وانتقل ملوك الفرنج وكنودهم وقمامصتهم إلى الملك الكامل والأشرف رهائن على تسليم دمياط ملك عكا ونائب بابا صاحب رومية وكندريش وغيرهم وعدتهم عشرون ملكا وراسلوا قسوسهم ورهبانهم الى دمياط في تسليمها فلم يمتنع من بها وسلموها الى المسلمين تاسع رجب المذكور وكان يوما مشهودا ومن العجب ان المسلمين لما تسلموها وصلت للفرنج نجدة في البحر فلو سبقوا المسلمين اليها لامتنعوا من تسليمها ولكن سبقهم المسلمون ليقضي الله امرا كان مفعولا ولم يبق بها من اهلها الا آحاد وتفرقوا ايدي سبا بعضهم سار عنها باختياره وبعضهم مات وبعضهم أخذه الفرنج ولما دخلها المسلمون رأوها حصينة قد حصنها الفرنج تحصينا عظيما بحيث بقيت لا ترام ولا يوصل اليها وأعاد الله سبحانه وتعالى الحق الى نصابه ورده الى اربابه واعطى المسلمين ظفرا لم يكن في حسابهم فإنهم كانت غاية امانيهم ان يسلموا البلاد التي اخذت منهم بالشام ليعيدوا دمياط فرزقهم الله إعادة دمياط وبقيت البلاد بأيديهم على حالها فالله المحمود المشكور على ما أنعم به على الاسلام والمسلمين من كف عادية هذا العدو وكفاهم شر التتر على ما نذكره ان شاء الله تعالى
$ ذكر عدة حوادث $
في هذه السنة في المحرم كانت ببغداد فتنة بين اخل المأمونية وبين أهل باب

الصفحة 380