كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 10)

@ 382 @

$ ثم دخلت سنة خمس عشرة وستمائة $
$ ذكر وفاة الملك القاهر وولاية ابنة نور الدين $
$ وما كان من الفتن بسبب موته الى ان استقرت الأمور $
في هذه السنة توفي الملك القاهر عز الدين مسعود بن أرسلان شاه من مسعود بن مودود بن زنكي بن آق سنقر صاحق الموصل ليلة الاثنين لثلاث بقين من شهر ربيع الأول وكانت ولايته سبع سنين وتسعة اشهر وكان موته أن أخذته حمى ثم فارقته الغد وبقي يومين موعوكا ثم عاودته الحمى مع قيء كثير وكرب شديد وقلق متتابع ثم برد بدنه وعرق وبقي كذلك الى وسط الليل ثم توفي وكان كريما حليما قليل الطمع في أموال الرعية كافا عن أذى يوصله إليهم مقبلا على لذاته كأنما ينهبها ويبادر بها الموت وكان عنده رقة شديدة ويكثر ذكر الموت
حكى لي بعض من كان يلازمه قال كنا ليلة قبل وفاته بنصف شهر عنده فقال لي قد وجدت ضجرا من القعود فقم بنا نتمشى الى الباب العمادي
قال فقمنا نخرج من داره نحو الباب العمادي فوصل التربة التي عملها لنفسه عند داره فوقف عندها مفكرا لا يتكلم ثم قال لي والله ما نحن في شيء أليس مصيرنا الى ههنا وندفن تحت الأرض وأطال الحديث في هذا ونحوه ثم عاد إلى الدار
فقلت له ألا نمشي الى الباب العمادي
فقال ما بقي عندي نشاط إلى هذا ولا إلى غيره ودخل داره وتوفي بعد ايام واصيب أهل بلاده بموته وعظم عليهم فقده وكان محبوبا إليهم قريبا من قلوبهم ففي كل دار لأجله رنة وعويل ولما حضرته الوفاة اوصى بالملك لولده الأكبر نور الدين ارسلان شاه وعمره نحو عشر سنين وجعل الوصي عليه والمدبر لدولته بدر الدين لؤلؤ وهو الذي كان يتولى دولة القاهر ودولة أبيه نور الدين قبله وقد تقدم من اخباره ما يعرف به محله وسيرد منها ايضا ما يزيد الناظر بصيرة فيه فلما قضى نحبه قام بدر الدين بأمر نور الدين اجلسه في مملكة أبيه وأرسل الى الخليفة يطلب له التقليد

الصفحة 382