@ 383 @
والتشريف وأرسل إلى الملوك واصحاب الأطراف المجاورين لهم يطلب تجديد العهد لنور الدين على القاعدة التي كانت بينهم وبين أبيه فلم يصبح إلا وقد فرغ من كل ما يحتاج إليه وجلس للعزاء وحلف الجند والرعايا وضبط المملكة من التزلزل والتغير مع صغر السلطان وكثرة الطامعين في الملك فإنه كان معه في البلد اعمام أبيه وكان معه عماد الدين زنكي بن أرسلان شاه بولايته وهي قلعة عقر الحميدية يحدث نفسه بالملك لا يشك في أن الملك يصير اليه بعد أخيه فرفع بدر الدين ذلك الخرق ورتق ذلك الفتق وتابع الاحسان والخلع على كافة الناس وغير ثياب الحداد عنهم فلم يخض بذلك شريفا دون مشروف ولا كبيرا دون صغير واحسن السيرة وجلس لكشف ظلامات الناس وانصاف بعضهم من بعض ويعد ايام وصل التقليد من الخليفة لنور الدين بالولاية ولبدر الدين بالنظر في أمر دولته والتشريفات لهمل أيضا وأتتهم رسل الملوك بالتعزية وبذل ما طلب منهم من العهود واستقرت القواعد لها
$ ذكر ملك عماد الدين زنكي قلاع المكارية والزوزان $
قد ذكرنا عند وفاة نور الدين سنة سبع وستمائة انه أعطى ولده الأصغر زنكي قلعتي العقر وشوش وهما بالقرب من الموصل فكان تارة يكون بالموصل وتارة بولايته متجنيا لكثرة تلونه وكان بقلعة العمادية مستحفظ من مماليك جده عز الدين مسعود بن مودود قيل إنه جرى له مع زنكي مراسلات في معنى تسليم العمادية اليه فنمي الخبر بذلك إلى بدر الدين فيادره بالعزل مع امير كبير وجماعة من الجند لم يمكنه الامتناع وسلم القلعة الى نائب بدر الدين كذلك وجعل بدر الدين في غير العمادية من القلاع نوابا له وكان نور الدين بن القاهر لا يزال مريضا من جروح كانت به وغيرها من الأمراض وكان يبقى المدة الطويلة لا يركب ولا يظهر للناس فأرسل زنكي الى من بالعمادية من الجند يقول إن ابن اخي توفي ويريد بدر الدين يملك البلاد وأنا احق بملك آبائي واجدادي فلم يزل حتى استدعاه الجند منها وسلموا اليه ثامن عشر رمضان سنة خمس عشرة وستمائة وقبضوا على النائب البدري وعلى من معه فوصل الخبر الى بدر الدين ليلا فجد في الأمر ونادى في العسكر لوقته بالرحيل فساروا مجدين الى العمادية وحصروها وكان الزمان شتاء والبرد شديد والثلج هناك كثير فلم