@ 384 @
يتمكنوا من القتال من بها لكنهم اقاموا يحصرونها وقام مظفر الدين كوكبري بن زين الدين صاحب إربل في نصر عماد الدين وتجرد لمساعدته فراسله بدر الدين يذكره الايمان والعهود التي من جملتها انه لا يتعرض الى شيء من اعمال الموصل ومنها قلاع الهكارية والزوزان باسمائها ومتى تعرض اليها احد من الناس من كان منعه بنفسه وعساكره واعان نور الدين وبدر الدين على منعه ويطالبه بالوفاء بها ثم نزل عند هذا ورضي منه بالسكوت لا لهم ولا عليهم فلم يفعل وأظهر معاضدة عماد الدين زنكي فحينئذ لم تكن مكاثرة زنكي بالرجال والعساكر لقرب هذا الخصم واعمالها الا ان العسكر البدري محاصر العمادية وبها زنكي
ثم إن بعض الأمراء من عسكر الموصل ممن لا علم له بالحرب وكان شجاعا وهو جديد الإمارة اراد ان يظهر شجاعته ليزداد بها تقدما واشار على من هناك من العسكر بالتقدم الى العمادية ومباشرتها بالقتال وكانوا قد تأخروا عنها شيئا يسيرا لشدة البرد والثلج فلم يوافقوه وقبحوا رأيه فتركهم ورحل متقدما اليهم ليلا فاضطروا الى اتباعه خوفا عليه من اذى يصيبه ومن معه فساروا اليه على غير تعبية لضيق المسلك ولأنه اعجلهم عن ذلك وحكم الثلج عليهم ايضا فسمع زنكي ومن معه فنزلوا ولقوا اوائل الناس وأهل مكة اخبر بشعابها فلم يثبتوا لهم وانهزموا وعادوا الى منزلتهم ولم يقف العسكر عليهم فاضطروا الى العود فلما عادوا راسل زنكي باقي قلاع الهكارية والزوزان واستدعاهم إلى طاعته فأجابوه وسلموا إليه فجعل فيها الولاة وتسلمها وحكم فيها
$ ذكر اتفاق بدر الدين مع الملك الأشرف $
لما رأى بدر الدين خروج القلاع عن يده واتفاق مظفر الدين وعماد الدين عليه لم ينفع معهم اللين ولا الشدة وأنهما لا يزالان يسعيان في أخذ بلاده ويتعرضان الى اطرافها بالنهب والأذى أرسل الى الملك الأشرف موسى بن الملك العادل وهو صاحب ديار الجزيرة كلها الا القليل وصاحب خلاط وبلادها يطلب منه الموافقة والمعاضدة وانتمى اليه وصار في طاعته منخرطا في سلك موافقته فأجابه الأشرف بالقبول والفرح به والاستبشار وبذل له المساعدة والمعاضدة والمحاربة دونه واستعادة ما أخذ من القلاع التي كانت له وكان الملك الأشرف حينئذ بحلب نازلا