@ 388 @
من عدة جهات منعته من سرعة السير وسبب هذا كان الاختلاف ان مظفر الدين كان يراسل الملوك اصحاب الأطراف ليستميلهم ويحسن لهم الخروج على الأشرف ويخوفهم منه إذا خلى وجهه فأجابه إلى ذلك عز الدين كيكاوس كيخسرو بن قلج أرسلان صاحب بلاد الروم وصاحب آمد وحصن كيفا وصاحب ماردين واتفقوا كلهم على طاعة كيكاوس وخطبوا له في بلادهم ونحن نذكر ما كان بينه وبين الأشرف عند منبج لما قصد بلاد حلب فهو موغر الصدر عليه فاتفق ان كيكاوس مات في ذلك الوقت وكفي الأشرف وبدر الدين شره ولا جدالا ما أقعص عنك الرجال وكان مظفر الدين قد راسل جماعة من الأمراء الذين مع الأشرف واستمالهم فأجابوه منهم احمد ابن علي بن المشطوب الذي ذكرنا أنه فعل على دمياط ما فعل وهو أكبر أمير معه ووافقه غيره منهم عز الدين محمد بن بدر الحميدي وغيرهما وفارقوا الأشرف ونزلوا بدنيسر تحت ماردين ليجتمعوا مع صاحب آمد ويمنعوا الأشراف من العبور الى الموصل لمساعدة بدر الدين فلما اجتمعوا هناك عاد صاحب آمد الى موافقة الأشرف وفارقهم واستقر الصلح بينهما وسلم اليه الأشرف مدينة حاني وجبل جوز وضمن له أخذ دارا وتسليمها اليه فلما فارقهم صاحب آمد انحل امرهم فاضطر بعض أولئك الأمراء الى العود الى طاعة الأشرف وبقي ابن المشطوب وحده فسار الى نصيبين ليسير الى إربل فخرج إليه شحنة نصيبين فيمن عنده من الجند فاقتتلوا فانهزم ابن المشطوب وتفرق من معه من الجمع ومضى منهزما فاجتاز بطرف بلد سنجار فسير إليه صاحبها فروخ شاه بن زنكي بن مودود بن زنكي عسكرا فهزموه وأخذوه أسيرا وحملوه الى سنجار وكان صاحبها موافقا للأشرف وبدر الدين فلما صار عنده ابن المشطوب حسن له مخالفة الأشرف فأجابه إلى ذلك وأطلقه فاجتمع معه من يريد الفساد فقصدوا البقعاء من أعمال الموصل ونهبوا فيها عدة قرى وعادوا الى سنجار ثم ساروا وهم معهم إلى تل يعفر وهي لصاحب سنجار ليقصدوا بلد الموصل وينهبوا في تلك الناحية فلما سمع بدر الدين بذلك سير اليه عسكرا فقاتلوهم فمضى منهزما وصعد الى تل يعفر واحتمى بها منهم ونازلوه وحصره فيها فسار بدر الدين من الموصل اليه يوم الثلاثاء لتسع بقين من ربيع الأول سنة سبع عشرة