@ 391 @
الملك الأشرف في المعنى وبذل له قلعة جديدة ونصيبين وولاية بين النهرين ليأذن له في أخذها فأذن له فأرسل اليها النواب وتسلموها واحسن إلى أهلها ورحل زنكي عنها ووفى له بدر الدين بما بذله له فلما سمع جنديا في القلاع بما فعلوا وما وصلهم من الاحسان والزيادة ورغبوا كلهم في التسليم فسير اليهم النواب واتفقت كلمة أهلها على طاعته والانقياد إليه والعجب ان العساكر اجتمعت من الشام والجزيرة وديار بكر وخلاط وغيرها في استعادة هذه القلاع فلم يقدروا على ذلك فلما تفرقوا حضر اهلها وسألوا ان تؤخذ منهم فعادت صفوا عفوا بغير منة ولقد احسن من قال
( لا سهل إلا ما جعلت سهلا ... وإن تشأ تجعل بحزن وحلا )
فتبارك الله الفعال لما يريد لا مانع لما اعطى ولا معطي لما منع وهو على كل شيء قدير
$ ذكر قصد كيكاوس ولاية حلب وطاعة صاحبها للأشرف وانهزام كيكاوس $
في هذه السنة سار عز الدين كيكاوس بن كيسخرو ملك الروم الى ولاية حلب قصدا للتغلب عليها ومعه الأفضل بن صلاح الدين يوسف وسبب ذلك انه كان بحلب رجلان فيهما شر كثير وسعاية بالناس فكانا ينقلان الى صاحبها الملك الظاهر بن صلاح الدين عن رعيته فأوغروا صدره فلقي الناس منهما شدة فلما توفي الظاهر وولي الأمر شهاب الدين طغرل أبعدهما ممن يفعل فعلهما وسد هذا الباب على فاعله ولم يطرق إليه احدا من أهله فلما رأى الرجلان كساد سوقهما لزما بيوتهما وثار بهما الناس وآذوهما وتهددوهما لما كانا أسلفاه من الشر فخافا ففارقا حلب وقصدا كيكاوس فأطمعاه فيها وقررا في نفسه انه متى قصدها لا يثبت بين يديه وانه يملكها ويهون عليه ملك ما بعدها فلما عزم على ذلك أشار عليه ذوو الرأي من اصحابه وقالوا له لا يتم لك هذا الا بأن يكون معك احد من بيت أيوب ليسهل على أهل البلاد وجندها الانقياد إليه وهذا الأفضل بن صلاح الدين هو في طاعتك والمصلحة أنك تستصحبه معك وتقرر بينكما فاعدة فيما تفتحانه من البلاد فمتى كان معك اطاعك الناس وسهل عليك ما تريد فأحضر الأفضل من سميساط إليه وأكرمه وحمل اليه شيئا كثيرا من الخيل والخيام والسلاح وغير ذلك واستقرت القواعد بينهما ان يكون ما يفتحه من حلب وأعمالها للأفضل وهو في طاعة كيكاوس والخطبة له