كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 10)

@ 392 @
ذلك أجمع ثم يقصدون ديار الجزيرة فما يفتحونه مما بيد الملك الأشرف مثل حران والرها من البلاد الجزرية تكون لكيكاوس وجرت الأيمان على ذلك وجمعوا العساكر وساروا فملكوا قلعة رعيان فتسلمها الأفضل فمال الناس حينئذ إليهما ثم سارا الى قلعة تل باشر وفيها صاحبها ابن بدر الدين دلدرم الياروقي فحصروه وضيقوا عليه وملكوها منه فأخذها كيكاوس لنفسه ولم يسلمها الى الأفضل فاستشعر الأفضل من ذلك وقال هذا أول الغدر وخاف انه ان ملك حلب يفعل به هكذا فلا يحصل إلا أن يكون قد قلع بيته لغيره ففترت نيته واعرض عما كان يفعله وكذلك أيضا أهل البلاد فكانوا يظنون أن الأفضل يملكها فيسهل عليهم الأمر فلما رأوا ضد ذلك وقفوا
واما شهاب الدين أتابك ولد الظاهر صاحب حلب فإنه ملازم قلعة حلب لا ينزل منها ولا يفارقها البتة وهذه كانت عادته مذمات الظاهر خوفا من ثائر يثور به فلما حدث هذا الأمر خاف ان يحصروه وربما سلم أهل البلد والجند والمدينة الى الأفضل لميلهم اليه فأرسل الى الملك الأشرف ابن الملك العادل صاحب الديار الجزرية وخلاط وغيرها يستدعيه لتكون طاعتهم له ويخطبون له ويجعل السكة باسمه ويأخذ من أعمال حلب ما اختار ولأن ولد الظاهر هو ابن اخته فأجاب الى ذلك وسار إليهم في عساكره التي عنده وأرسل الى الباقين يطلبهم إليه وسره ذلك للمصلحة العامة لجميعهم وأحضر اليه العرب من طيء وغيرهم ونزل بظاهر حلب ولما اخذ كيكاوس تل باشر كان الأفضل يشير بمعالجة حلب قبل اجتماع العساكر بها وقبل أن يحتاطوا او يتجهزوا فعاد عن ذلك وصار يقول الرأي اننا نقصد منبج وغيرها لئلا يبقى لهم وراء ظهورنا شيء قصدا للتمادي ومرور الزمان في لا شيء فتوجهوا من تل باشر الى جهة منبج وتقدم الأشرف نحوهم وسارت العرب في مقدمته وكان طائفة من عسكر كيكاوس نحو الف فارس قد سبقت مقدمته له فالتقوا هم والعرب ومن معهم من العسكر الأشرفي فاقتتلوا فانهزم عسكر كيكاوس وعادوا إليه منهزمين واكثر العرب الأسر منهم والنهب لجودة خيلهم ودير خيل الروم فلما وصل إليه اصحابه منهزمين لم يثبت بل ولى على أعقابه يطوي المراحل الى بلاده خائفا يترقب فلما وصل الى اطرافها اقام وإنما فعل هذا لأنه صبي غر لا معرفة له بالحرب وإلا فالعساكر ما برحت تقع مقدماتها بعضها على بعض فسار حينئذ الأشرف فملك رعيان وحصر تل باشر وبها

الصفحة 392