@ 393 @
جمع من عسكر كيكاوس فقاتلوه حتى غلبوا فأخذت القلعة منهم وأطلقهم الأشرف فلما وصلوا الى كيكاوس جعلهم في دار وأحرقها عليهم فهلكوا فعظم ذلك على الناس كافة واستقبحوه واستضعفوه لا جرم لم يمهله الله تعالى وعجل عقوبته للؤم قدرته وشدة عقوبته ولعدم الرحمة في قلبه ومات عقيب هذه الحادثة وسلم الأشرف تل باشر وغيرها من بلد حلب الى شهاب الدين أتابك صاحب حلب وكان عازما على اتباع كيكاوس ويدخل بلاده فأتاه الخبر بوفاة أبيه الملك العادل فاقتضت المصلحة العود الى حلب لأن الفرنج بديار مصر ومثل ذلك السلطان العظيم إذا توفي ربما جرى خلل في البلاد لا تعرف العاقبة فيه فعاد إليها وكفي كل منهما أذى صاحبه
$ ذكر وفاة الملك العادل وملك أولاده بعده $
توفي الملك العادل أبو بكر بن أيوب سابع جمادي الآخرة من سنة خمس عشر وستمائة وقد ذكرنا ابتداء دولتهم عند ملك عمه اسد الدين شيركوه ديار مصر سنة أربع وستين وخمسمائة ولما ملك أخوه صلاح الدين يوسف بن أيوب ديار مصر بعد عمه وسار الى الشام استخلفه بمصر ثقة به واعتمادا عليه وعلما بما هو عليه من توفر العقل وحسن السيرة فلما توفي أخوه صلاح الدين ملك دمشق كما ذكرناه وبقي مالكا للبلاد الى الأن فلما ظهر الفرنج كما ذكرناه سنة أربع عشر وستمائة قصد هو مرج الصفر فلما سار الفرنج الى ديار مصر انتقل هو الى عالقين فأقام به ومرض وتوفي وحمل الى دمشق فدفن بالتربة التي له وكان عاقلا ذا رأي سديد ومكر شديد وخديعة صبورا حليما ذا أتاه يسمع ما يكره ويغض عليه حتى كأنه لم يسمعه كثير الحرج وقت الحاجة لا يقف في شيء وذا لم تكن حاجة فلا وكان عمره خمسا وسبعين سنة وشهورا لأن مولده كان في المحرم من سنة أربعين وخمسمائة وملك دمشق في شعبان سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة من الأفضل ابن أخيه وملك مصر في ربيع الآخر من سنة ست وتسعين منه ايضا ومن أعجب ما رأيت من منافاة الطوالع انه لم يملك الأفضل مملكة قط إلا وأخذها منه عمه العادل فأول ذلك أن صلاح الدين اعطى ابنه الأفضل حران والرها وميافارقين سنة ست وثمانين بعد فرده من حلب وأخذ هذه البلاد منه ثم ملك الأفضل بعد وفاة أبيه مدينة دمشق فأخذها منه ثم ملك مصر بعد وفاة أخيه الملك العزيز