@ 394 @
فأخذها أيضا منه ثم ملك صرخد فأخذها منه وأعجب من هذا أنني رأيت بالبيت المقدس سارية من الرخام ملقاه في بيعة صهيون ليس يوجد مثلها فقال القس الذي بالبيعة هذه كان قد أخذها الملك الأفضل لينقلها الى دمشق ثم ان العادل أخذها بعد ذلك من الأفضل طلبها منه فأخذها وهذا غاية وهو من اعجب ما يحكي وكان العادل قد قسم البلاد في حياته بين أولاده فجعل بمصر الملك الكامل محمدا وبدمشق والقدس وكبرية والأردن والكرك وغيرها من الحصون المجاورة لها ابنه المعظم عيسى وجعل بعض ديار الجزيرة وميافارقين وخلاط وأعمالها لابنه الملك الأشرف موسى وأعطى الرها لولده شهاب الدين غازي وأعطى قلعة جعفر لولده الحافظ أرسلان شاه فلما توفي ثبت كل منهم في المملكة التي أعطاه إياها أبوه واتفقوا اتفاقا حسنا لم يجر بينهم من الاختلاف ما جرى العادة ان يجري بين أولاد الملوك بعد آبائهم بل كانوا كالنفس الواحدة كل منهم يثق الى الاخر بحيث يحضر عنده منفردا من عسكره ولا يخافه فلا جرم زاد ملكهم ورأوا من نفاذ الأمر والحكم ما لم يره ابوهم ولعمري أنهم نعم الملوك فيهم الحلم والجهاد والذب عن الاسلام وفي نوبة دمياط كفاية
وأما الملك الأشرف فليس للمال عنده محل بل يمطره مطرا كثيرا كعفته عن أموال الرعية دائم الإحسان لا يسمع سعاية ساع
$ ذكر عدة حوادث $
في هذه السنة في ذي القعدة رحل الملك الكامل بن العادل عن أرض دمياط لأنه بلغه أن جماعة من الأمراء قد اجتمعوا على تمليك أخيه الفائز عوضه فخافهم ففارق منزلته فانتقل الفرنج إليها وحصروا حينئذ دمياط برا وبحرا وتمكنوا من ذلك وقد تقدم مستقصى سنة اربع عشرة وستمائة
وفيها في المحرم توفي شرف الدين محمد بن علوان بن مهاجر الفقيه الشافعي وكان مدرسا في عدة مدارس بالموصل وكان صالحا كثير الخير والدين سليم القلب رحمه الله
وفيها توفي عز الدين نجاح الشرابي خاص الخليفة واقرب الناس اليه وكان الحاكم في دولته كثير العدل والإحسان والمعروف والعصبية للناس وأما عقله وتدبيره