كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 10)

@ 403 @
خان يخبرونه بما فعل بالرسول ويقولون له إن خوارزمشاه يقول لك أنا سائر إليك ولو أنك في آخر الدنيا حتى أنتقم وأفعل بك كما فعلت بأصحابك وتجهز خوارزمشاه وسار بعد الرسول مبادرا ليسبق خبره ويكبسهم فأدمن السير فمضى وقطع مسيرة أربعة أشهر فوصل إلى بيوتهم فلم ير فيها إلا النساء والصبيان والأطفال فأوقع بهم وغنم الجميع وسبى النساء والذرية وكان سبب غيبة الكفار عن بيوتهم أنهم ساروا إلى محاربة ملك من ملوك الترك يقال له كشلوخان فقاتلوه وهزموه وغنموا أمواله وعادوا فلقيهم في الطريق الخبر بما فعل خوارزمشاه بمخلفيهم فجدوا السير فأدركوه قبل أن يخرج عن بيوتهم وتصافوا للحرب واقتتلوا قتالا لم يسمع بمثله فبقوا في الحرب ثلاثة أيام بلياليها فقتل من الطائفتين ما لا يعد ولم ينهزم أحد منهم
أما المسلمون فإنهم صبروا حمية للدين وعلموا أنهم إن انهزموا لم يبق للمسلمين باقية وأنهم يؤخذون لبعدهم عن بلادهم وأما الكفار فصبروا لاستنقاذ أهليهم وأموالهم واشتد بهم الأمر حتى إن أحدهم كان ينزل عن فرسه ويقاتل قرنه راجلا ويتضاربون بالسكاكين وجرى الدم على الأرض حتى صارت الخيل تزلق من كثرته واستنقد الطائفتان وسعهم في الصبر والقتال هذا القتال جميعه مع ابن جنكيز خان ولم يحضر أبوه الوقعة ولم يشعر بها فأحصي من قتل من المسلمين في هذه الوقعة فكانوا عشرين ألفا وأما من الكفار فلا يحصى من قتل منهم فلما كان الليلة الرابعة افترقوا فنزل بعضهم مقابل بعض فلما أظلم الليل أوقد الكفار نيرتهم وتركوها بحالها وساروا وكذلك فعل المسلمون أيضا كل منهم سئم القتال فأما الكفار فعادوا إلى ملكهم جنكزخان وأما المسلمون فرجعوا إلى بخاري فاستعد للحصار لعلمه بعجزه لأن طائفة من عسكره لم يقدر خوارزمشاه على أن يظفر بهم فكيف إذا جاؤا جميعهم مع ملكهم فأمر أهل بخارى وسمرقند بالاستعداد للحصار وجمع الذخائر للامتناع وجعل في بخاري عشرين ألف فارس من العسكر يحملونها وفي سمرقند خمسين ألفا وقال لهم احفظوا البلد حتى أعود إلى خوارزم وخراسان وأجمع العساكر واستنجد بالمسلمين وأعود إليكم فلما فرغ من ذلك رحل عائدا إلى خراسان فعبر جيحون ونزل بالقرب من بلخ فعسكر هناك وأما الكفار فإنهم رحلوا بعد أن استعدوا يطلبون ما وراء النهر فوصلوا إلى بخارى بعد خمسة أشهر من وصول

الصفحة 403