كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 10)

@ 408 @
بالجلوس وانصرف عني ثم عاد إلي واخذني الى دار السلطان فتسلمني منه حاجب من حجاب السلطان وقال لي قد اعلمت السلطان خبرك فأمر بإحضارك عنده فدخلت اليه وهو جالس في صدر إيوان كبير فحين توسطت صحن الدار قام قائما ومشى إلي بين يدي فأسرعت السير فلقيته في وسط الايوان فأردت ان اقبل يده فمنعني واعتنقني وجلس وأجلسني إلى جانبه وقال لي أنت تخدم حجرة النبي فقلت نعم فأخذ يدي وأمرها على وجهه وسألني عن حالنا وعيشنا وصفة المدينة ومقدارها وأطال الحديث معي فلما خرجت من عنده قال لولا أننا على عزم السفر هذه الساعة لما ودعتك إنما نريد أن نعبر جيحون إلى الخطا وهذا طريق مبارك حيث رأينا من خدم حجرة النبي ثم ودعني وأرسل إلي جملة كثيرة من النفقة ومضى وكان منه ومن الخطا ما ذكرناه وبالجملة فاجتمع فيه ما تفرق في غيره من ملوك العالم رحمه الله ولو اردنا ذكر مناقبه لطال
$ ذكر استيلاء التتر المغربة على مازندران $
لما أيس التتر المغربة من إدراك خوارزمشاه عادوا فقصدوا بلاد مازندران فملكوها في أسرع وقت مع حصانتها وصعوبة الدخول اليها وامتناع قلاعها فإنها لم تزل ممتنعة قديم الزمان وحديثه حتى إن المسلمين لما ملكوا بلاد الاكاسرة جميعها من العراق إلى أقاصي خراسان بقيت اعمال مازندران يؤخذ منهم الخراج ولا يقدرون على دخول البلاد الى ان ملكت أيام سليمان بن عبد الملك سنة تسعين وهؤلاء الملاعين ملكوها صفوا عفوا لأمر يريده الله تعالى ولما ملكوا بلد مازندران قتلوا وسبوا ونهبوا وأحرقوا البلاد ولما فرغوا من مازندران سلكوا نحو الري فرأوا في الطريق والدة خوارزمشاه ونساءه وأموالهم وذخائرهم التي لن يسمع بمثلها من الاعلاق النفيسة وكان سبب ذلك أن والدة خوارزمشاه لما سمعت بما جرى على ولدها خافت ففارقت خوارزم وقصدت نحو الري لتصل الى أصفهان وهمذان وبلد الجبل تمتنع فيها فصادفوها في الطريق وما معها قبل وصولها الى الري فكان فيه ما ملأ عيونهم وقلوبهم وما لم يشاهد الناس مثله من كل غريب من المتاع ونفيس من الجواهر وغير ذلك وسيروا الجميع الى جنكزخان بسمرقند

الصفحة 408