@ 410 @
الكرج فجاء اليهم من الكرج جمع كثير من العسكر نحو عشرة آلاف مقاتل فقاتلوهم فانهزمت الكرج وقتل أكثرهم وأرسل الكرج الى اوزبك صاحب أذربيجان يطلبون منه الصلح والاتفاق معهم على دفع التتر فاصطلحوا ليجتمعوا اذا انحسر الشتاء وكذلك ارسلوا الى الملك الأشرف بن الملك العادل صاحب خلاط وبديار الجزيرة يطلبون منه الموافقة عليهم وظنوا جميعهم ان التتر يصبرون في الشتاء الى الربيع فلم يفعلوا كذلك بل تحركوا وساروا نحو بلاد الكرج
وانضاف اليهم مملوك تركي من مماليك اوزبك اسمه أقوش وجمع أهل تلك الجبال والصحراء من التركمان والأكراد وغيرهم فاجتمع معهم خلق كثير وراسل التتر في الانضمام اليهم فأجابوه الى ذلك ومالوا اليه للجنسية فاجتمعوا وساروا في مقدمة التتر الى الكرج فملكوا حصنا من حصونهم وخربوه ونهبوا البلاد وخربوها وقتلوا أهلها ونهبوا أموالهم حتى وصلوا إلى قريب تفليس فاجتمعت الكرج وخرجت بحدها وحديدها إليهم فلقيهم أقوش أولا فيمن اجتمع إليه فاقتتلوا قتالا شديدا صبروا فيه كلهم فقتل من اصحاب اقوش خلق كثير وأدركهم التتر وقد تعب الكرج من القتال فقتل منهم أيضا كثير فلم يثبتوا للتتر وتهزموا أقبح هزيمة وركبهم السيف من كل جانب فقتل منهم ما لا يحصى كثرة وكانت الوقعة في ذي القعدة من هذه السنة ونهبوا من البلاد ما كان سلم منهم ولقد جرى لهؤلاء التتر ما لم يسمع بمثله من قديم الزمان وحديثه طائفة تخرج من حدود الصين لا تنقضي عليهم سنة حتى يصل بعضهم الى بلاد ارمينية من هذه الناحية ويجاوزون العراق من ناحية همذان وتالله لا اشك ان من يجيء بعدنا اذا بعد العهد ويرى هذه الحادثة مسطورة ينكرها ويستبعدها والحق بيده فمتى استبعد ذلك فلينظر أنا سطرنا نحن وكل من جمع التاريخ في ازماننا هذه في وقت كل من فيه يعلم هذه الحادثة استوى في معرفتها العالم والجاهل لشهرتها يسر الله للمسلمين والاسلام من يحفظهم ويحوطهم فلقد دفعوا من العدو الى عظيم ومن الملكوك المسلمين الى من لا تتعدى همته بطنه وفرجه ولم ينل المسلمين اذى وشدة مذ جاء النبي الى هذا الوقت مثل ما دفعوا إليه الآن هذا العدو الكافر التتر قد وطؤوا بلاد ما وراء النهر وملكوها وخربوها وناهيك به سبعة بلاد وتعدت طائفة منهم النهر الى خراسان فملكوها وفعلوا مثل ذلك ثم الى الري وبلد الجبل