كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 10)

@ 413 @
وحكى مظفر الدين قال لما أرسل إلي الخليفة في معنى التتر قلت له إن العدو قوي وليس لي من العسكر ما ألقاه به فإن اجتمع معي عشرة آلاف فارس استنقذت ما أخذ من البلاد فأمرني بالمسير وواعدني بوصول العسكر فلما سرت لم يحضر عندي غير عدد لم يبلغوا ثمانمائة طواشي فأقمت وما رأيت المخاطرة بنفسي وبالمسلمين ولما سمع التتر باجتماع العساكر لهم رجعوا القهقرى ظنا منهم ان العسكر يتبعهم فلما لم يروا أحدا يطلبهم أقاموا وأقام العسكر الاسلامي عند دقوقا فلما لم يروا ان العدو يقصدهم ولا المدد يأتيهم تفرقوا وعادوا إلى بلادهم
$ ذكر ملك التتر همذان وقتل أهلها $
لما تفرق العسكر الإسلامي عاد التتر الى همذان فنزلوا بالقرب منها وكان لهم بها شحنة يحكم فيها فأرسلوا إليه يأمرونه ليطلب من اهلها مالا وثيابا وكانوا قد استنفدوا أموالهم في طول المدة وكان رئيس همذان شريفا علويا وهو من بيت رياسة قديمة لهذه المدينة وهو الذي يسعى في امور اهل البلد مع التتر ويوصل إليهم ما يجمعه من الأموال فلما طلبوا الآن منهم المال لم يجد أهل همذان ما يحملونه إليهم فحضروا عند الرئيس ومعه انسان فقيه قد قام في اجتماع الكلمة على الكفار قياما مرضيا فقالوا لهما هؤلاء الكفار قد افنوا اموالنا ولم يبق لنا ما نعطيهم وقد هلكنا من أخذهم اموالنا وما يفعله النائب عنهم بنا من الهوان وكانول قد جعلوا بهمذان شحنة لهم يحكم في اهلها بما يختاره فقال الشريف إذا كنا نعجز عنهم فكيف الحيلة فليس لنا إلا مصانعتهم بالأموال فقالوا له أنت أشد علينا من الكفار وغلظوا له في القول
فقال أنا واحد منكم فاصنعوا ما شئتم فأشار الفقيه بإخراج شحنة التتر من البلد والامتناع فيه ومقاتلة التتر فوثب العامة على الشحنة فقتلوه وامتنعوا في البلد فتقدم التتر اليهم وحصروهم
وكانت الأقوات متعذرة في تلك البلاد جميعها لخرابها وقتل أهلها وجلاء من سلم منهم فلا يقدر أحد على الطعام إلا قليلا وأما التتر فلا يبالون لعدم الأقوات لأنهم لا يأكلون إلا اللحم ولا تأكل دوابهم إلا نبات الأرض حتى إنها تحفر بحوافرها الأرض عن عروق النبات فتأكلها فلما حصروا همذان قاتلهم أهلها والرئيس والفقيه في أوائلهم فقتل من التتر خلق كثير وجرح الفقيه عدة جراحات وافترقوا ثم خرجوا من

الصفحة 413