كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 10)

@ 422 @
والصبيان يقاتلون فلم يزالوا كذلك حتى ملكوا البلد جميعه وقتلوا كل من فيه ونهبوا كل ما فيه ثم إنهم فتحوا السكر الذي يمنع ماء جيحون عن البلد فدخله الماء فغرق البلد جميعه وتهدمت الابنية وبقي موضعه ماء ولم يسلم من اهله احد البتة فإن غيره من البلاد قد كان يسلم بعض اهله منهم من يختفي ومنهم من يهرب ومنهم من يخرج ثم يسلم ومنهم من يلقي نفسه بين القتلى فينجو وأما أهل خوارزم فمن اختفى من التتر غرفة الماء او قتله الهدم فأصبحت خرابا يبابا
( كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر )
وهذا لم يسمع بمثله في قديم الزمان وحديثه نعوذ بالله من الخور بعد الكور ومن الخذلان بعد النصر فلقد عمت هذه المصيبة الإسلام وأهله فكم من قتيل من أهل خراسان وغيرها لأن القاصدين من التجار وغيرهم كانوا كثيرا مضى الجميع تحت السيف ولما فرغوا من خراسان وخوارزم عادوا الى ملكهم بالطالقان
$ ذكر ملك التتر غزنة وبلاد الغور $
لما فرغ التتر من خرسان وعادوا الى ملكهم جيشا كثيفا وسيره الى غزنة وبها جلال الدين بن خوارزمشاه مالكا لها وقد اجتمع إليه من سلم من عسكر أبيه قيل كانوا ستين الفا فلما وصلوا الى اعمال غزنة خرج إليهم المسلمون مع ابن خوارزمشاه الى موضع يقال له بلق فالتقوا هناك واقتتلوا قتالا شديدا وبقوا كذلك ثلاثة أيام ثم أنزل الله نصره الى المسلمين فانهزم التتر وقتلهم المسلمون كيف شاؤوا ومن سلم منهم عاد إلى ملكهم بالطالقان فلما سمع أهل هراة بذلك ثاروا بالوالي الذي عندهم للتتر فقتلوه فسير إليهم جنكزخان عسكرا فملكوا البلد وخربوه كما ذكرناه فلما انهزم التتر أرسل جلال الدين رسولا إلى جنكزخان يقول له في أي موضع تريد يكون الحرب حتى نأتي اليه فجهز جنكزخان عسكرا كثيرا اكثر من الأول مع بعض أولاده وسيره اليه فوصل الى كابل فتوجه العسكر الإسلامي اليهم وتصافوا هناك وجرى بينهم قتال عظيم فانهزم الكفار ثانيا فقتل كثير منهم وغنم المسلمون ما معهم وكان عظيما وكان معهم من أسارى المسلمين خلق كثير فاستنقذوهم ثم ان المسلمين جرى بينهم فتتة لأجل الغنيمة وسبب ذلك ان اميرا منهم يقال له سيف الدين بغراق أصله

الصفحة 422