@ 427 @
وقيل في موت قتادة أن ابنه حسن خنقه فملت وسبب ذلك أن قتادة جمع جموعا كثيرة وسار عن مكة يريد المدينة فنزل بوادي الفرع وهو مريض وسير أخاه على الجيش ومعه ابنه الحسن بن قتادة فلما ابعدوا بلغ الحسن أن عمه قال لبعض الجند إن أخي مريض وهو ميت لا محالة وطلب منهم ان يحافوا له ليكون هو الأمير بعد أخيه قتادة فحضر الحسن عند عمه واجتمع إليه كثير من الأجناد والمماليك الذين لأبيه فقال الحسن لعمه قد فعلت كذا وكذا فقال لم افعل فأمر حسن الحاضرين بقتله فلم يفعلوا وقالوا أنت أمير وهذا أمير ولا نمد ايدينا الى احد كما قال له غلامان لقتادة نحن عبيدك فمرنا بما شئت فأمرهما أن يجعلا عمامة عمه في عنقه ففعلا ثم قتله فسمع قتادة الخبر فبلغ منه الغيظ كل مبلغ وحلف ليقتلن ابنه وكان على ما ذكرناه من المرض فكتب بعض اصحابه الى الحسن يعرفه الحال ويقول له ابدأ به قبل ان يقتلك فعاد الحسن الى مكة فلما وصلها قصد دار أبيه في نفر يسير فوجد على باب الدار جمعا كثيرا فأمرهم بالانصراف الى منازلهم ففارقوا الدار وعادوا الى مساكنهم ودخل الحسن إلى أبيه فلما رآه أبوه شتمه وبالغ في ذمه وتهديده فوثب اليه الحسن فخنقه لوقته وخرج الى الحرم الشريف
واحضر الأشراف وقال ان أبي قد اشتد مرضه وقد أمركم ان تحلفوا لي ان اكون انا اميركم فحلفوا له ثم إنه أظهر تابوتا ودفنه ليظن الناس انه مات وكان قد دفنه سرا فلما استقرت الامارة بمكة له ارسل الى اخيه الذي بقلعة الينبع على لسان أبيه يستدعيه وكتم موت أبيه عنه فلما حضر أخوه قتله أيضا واستقر أمره وثبت قدمه وفعل بأمير الحاج ما تقدم ذكره فارتكب عظيما قتل أباه وعمه وأخاه في أيام يسيرة لا جرم لم يمهله الله سبحانه وتعالى نزع ملكه وجعله طريدا شريدا خائفا يترقب
وقيل إن قتادة كان يقول شعرا فمن ذلك انه طلب ليحضر عند أمير الحاج كما جرت عادة أمراء مكة فامتنع فعوتب من بغداد فأجاب بأبيات شعر منها
( ولي كف ضرغام أدل ببطشها ... وأشري بها بين الورى وأبيع )
( تظل ملوك الأرض تلثم ظهرها ... وفي سطحها للمجد بين ربيع )
( أأجعلها تحت الرحا ثم أبتغي ... خلاصا لها إني إذا لرقيع )
( وما أنا إلا المسك في كل بلدة ... يضوع وأما عندكم فيضيع )