@ 444 @
عنها بغتة وكانت عساكر الخليفة مع مملوكه جمال الدين قشتمر بالقرب منه فلما رحل جلال الدين لم يقدر العسكر على منعه فسار الى ان وصل الى يعقوبا وهي قرية مشهورة بطريق خراسان بينها وبين بغداد نحو سبعة فراسخ فلما وصل الخبر الى بغداد تجهزوا للحصار واسلحوا السلاح من الجروخ والقسي والنشاب والنفط وغير ذلك وعاد عسكر الخليفة الى بغداد واما عسكر جلال الدين فنهب البلاد وأهلها وكان قد وصل هو وعسكره الى خوزستان في ضر شديد وجهد جهيد وقلة من الدواب والذي معهم فهو من الضعف إلى حد لا ينتفع به فغنموا من البلاد جميعها واستغنوا واكثروا من اخذ الخيل والبغال فانهم كانوا في غاية الحاجة اليها وسار من يعقوبا الى دقوقا فحصرها فصعد أهلها إلى السور وقاتلوه وسبوه وأكثروا من التكبير فعظم ذلك عنده وشق عليه وجد في قتالهم ففتحها عنوة وقهرا ونهبتها عساكره وقتلوا كثيرا من اهلها فهرب من سلم منهم من القتل وتفرقوا في البلاد
ولما كان الخوارزميون على دقوقا سارت سرية منهم الى البت والراذان فهرب اهلها الى تكريت فتبعهم الخوارزميون فجرى بينهم وبين عسكر تكريت وقعة شديدة فعادوا إلى العسكر ولقد رأيت بعض أعيان أهل دقوقا وهم بنو يعلى وهم أغنياء فنهبوا وسلم احدهم ومعه ولدان له وشيء يسير من المال فسير ما سلم معه الى الشام مع الولدين ليتجر بما ينتفعون به وينفقونه على نفوسهم فمات احد الولدين بدمشق واحتاط الحاكم على ما معهم فلقد رأيت أباهم على حالة شديدة لا يعلمها الا الله يقول اخذت الأملاك وقتل بعض الأهل وفارقنا من سلم منهم والوطن بهذا القدر الحقير اردنا نكف به وجوهنا من السؤال ونصون أنفسنا فقد ذهب الولد والمال ثم سار إلى دمشق ليأخذ ما سلم مع ابنه الآخر فأخذه وعاد إلى الموصل فلم يبق غير شهر حتى توفي
( ان الشقي بكل حبل يخنق ... )
وأما جلال الدين فإنه لما فعل بأهل دقوقا ما فعل خافه أهل البوازيج وهي لصاحب الموصل فأرسلوا اليه يطلبون منه ارسال شحنة اليهم يحميهم وبذلوا له شيئا من المال فأجابهم إلى ذلك وسير اليهممن يحميهم قيل كان بعض أولاد جنكزخان ملك التتر أسره جلال الدين في بعض حروبه مع التتر فأكرمه فحماهم وأقام بمكانه