@ 474 @
دمشق من حين وفاة والده الملك العادل عشر سنين وخمسة اشهر وثلاثة وعشرين يوما وكان عالما بعدة علوم فاضلا فيها منا الفقه على مذهب أبي حنيفة فإنه كان قد اشتغل به كثيرا وصار من المتميزين فيه ومنها علم النحو فإنه اشتغل به ايضا اشتغالا زائدا وصار فيه فاضلا وكذلك اللغة وغيرها وكان قد أمر أن يجمع له كتاب في اللغة جامع كبير فيه كتاب الصحاح للجوهري ويضاف اليه ما فات الصحاح من التهذيب للأزهري والجمهرة لابن دويد وغيرهما وكذلك ايضا امر بأن يرتب مسند احمد بن حنبل على الأبواب ويرد كل حديث الى الباب الذي يقتضيه معناه مثاله ان يجمع احاديث الطهاة وكذلك يفعل في الصلاة وغيرها من الرقائق والتفسير والغزوات فيكون كتابا جامعا وكان قد سمع المسند من بعض اصحاب ابن الحصين ونفق العلم في سوقه وقصده العلماء من الآفاق فأكرمهم وأجرى عليهم الجرايات الوافرة وقربهم وكان يجالسهم ويستفيد منهم ويفيدهم وكان يرجع الى علم وصبر على سماع ما يكره لم يسمع احد ممن يصحبه منه كلمة تسوءه وكان حسن الاعتقاد يقول كثيرا إن اعتقادي في الأصول ما سطره أبو جعفر الطحاوي ووصى عند موته بأن يكفن في البياض ولا يجعل في اكفانه ثوب فيه ذهب وأن يدفن في لحد ولا يبنى عليه بناء بل يكون قبره في الصحراء تحت السماء ويقول في مرضه لي عند الله تعالى في أمر دمياط ما ارجو ان يرحمني به ولما توفي ولي بعده ابنه داود ويلقب الملك الناصر وكان عمره قد قارب عشرين سنة
$ ذكر عدة حوادث $
في هذه السنة دام الغلاء في ديار الجزيرة ودامت الأسعار تزيد قليلا وتنقص قليلا وانقطع المطر جميع شباط وعشرة ايام من اذار فازداد الغلاء فبلغت الحنطة كل مكوكين بالموصلي بديار وقيراطين بالموصل والشعير كل ثلاثة مكاكيك بالموصلي بدينار وقيراطين أيضا
وكل شيء بهذه النسبة في الغلاء
وفيها في الربيع قل لحم الغنم بالموصل وغلا سعره حتى بيع كل رطل لحم بالبغدادي بحبتين بالصنجة وربما زاد في بعض الأيام على هذا الثمن وحكى لي من يتولى بيع الغنم بالموصل انهم باعوا خروفا واحدا لا غير وفي بعضها خمسة رؤوس وفي بعضها ستة وأقل وأكثر وهذا ما لم يسمع بمثله ولا رأيناه في جميع اعمارنا