@ 493 @
حكى لي بعض التجار وكان قد وصل آمد انهم حزروا القتلى ما يزيد على خمسة عشر الف قتيل وكان مع هذا التاجر جارية من اسعرد فذكرت ان سيدها خرج ليقاتل وكان له ام فمنعته ولم يكن لها ولد سواه فلم يصغ الى قولها فمشت معه فقتلا جميعا وورثها ابن الاخ للام فباعها من هذا التاجر وذكرت من كثرة القتلى أمرا عظيما وان مدة الحصار كانت خمسة أيام ثم ساروا منها الى مدينة طنزة ففعلوا فيها كذلك وساروا من طنزة الى واد بالقرب من طنزة يقال له وادي القريشية فيه طائفة من الأكراد يقال لهم القريشية وفيه مياه جارية وبساتين كثيرة والطريق اليه ضيق فقاتلهم القريشية فمنعوهم عنه وامتنعوا عليهم وقتل منهم كثير فعاد التتر ولم يبلغوا منهم غرضا وساروا في البلاد لا مانع يمنعهم ولا احد يقف بين أيديهم فوصلوا الى ماردين فنهبوا ما وجدوا من بلدها واحتمى صاحب ماردين وأهل دنيسر بقلعة ماردين وغيرهم ممن جاور القلعة احتمى بها ايضا ثم وصلوا الي نصيبين الجزيرة فأقاموا عليها بعض نهار ونهبوا سوادها وقتلوا من ظفروا به وغلقت ابوابها فعادوا عنها ومضوا الى بلد سنجار ووصلوا الى الجبال من اعمال سنجار فنهبوها ودخلوا الى الخابور فوصلوا الى عرابان فنهبوا وقتلوا وعادوا ومضى طائفة منهم على طريق الموصل فوصلوا الى قرية تسمى المؤنسة وهي على مرحلة من ننصيبين بينها وبين الموصل فنهبوها واحتمى اهلها وغيرهم بخان فيها فقتلوا كل من فيه
وحكي لي عن رجل منهم انه قال اخفيت منهم ببيت فيه تبن فلم يظفروا بي وكنت اراهم من نافذة في البيت فكانوا اذا ارادوا قتل انسان فيقول لا بالله فيقتلونه فلما فرغوا من القرية ونهبوا ما فيها وسبوا الحريم رأيتهم وهم يلعبون على الخيل ويضحكون ويغنون بلغتهم بقول لا بالله ومضى طائفة منهم الى نصيبين الروم وهي على الفرات وهي من اعمال آمد فنهبوها وقتلوا فيها ثم عادوا إلى آمد ثم إلى بلد بدليس فتحصن اهلها بالقلعة والجبال فقتلوا فيها يسيرا واحرقوا المدينة
وحكى انسان من اهلها قال لو كان عندنا خمسمائة فارس لم يسلم من التتر احد لأن الطريق ضيق بين الجبال والقليل يقدر على منع الكثير ثم ساروا من بدليس الى خلاط فحصروا مدينة من أعمال خلاط يقال لها بكري وهي من أحصن البلاد فملكوها عنوة وقتلوا كل من بها وقصدوا مدينة ارجيش من اعمال خلاط