كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 10)

@ 5 @
الصعيد فملكه وجبى أمواله وأقام به حتى صام رمضان وأما المصريين والفرنج فإنهم عادوا واجتمعوا على القاهرة وأصلحوا حال عساكرهم وجمعوا وساروا إلى الإسكندرية فحضروا صلاح الدين بها واشتد الحصار وقل الطعام على من بها فصبر أهلها على ذلك وسار أسد الدين من الصعيد إليهم وكان شاور قد أفسد بعض من معه من التركمان فوصل رسل الفرنج واالمصريين يطلبون الصلح وبذلوا له خمسين ألف دينار سوى ما أخذه من البلاد فأجاب إلى ذلك وشرط على الفرنج أن لا يقيموا بالبلاد ولا يتملكوا منها قرية واحدة فأجابوا إلى ذلك واصطلحوا وعادوا إلى الشام وتسلم المصريون الإسكندرية في نصف شوال ووصل شيركوه إلى دمشق ثامن عشر ذي القعدة وأما الفرنج فإنهم استقر بينهم وبين المصريين أن يكون لهم بالقاهرة شحنة وتكون أبوابها بيد فرسانهم ليمتنع نور الدين من إنقاذ عسكر إليهم ويكون لهم من دخل مصر كل سنة مائة ألف دينار هذا كله استقر مع شاور فإن العاضد لم يكن له معه حكم لأنه قد حجر عليه وحجبه عن الأمور كلها وعاد الفرنج إلى بلادهم بالساحل الشامي وتركوا بمصر جماعة من مشاهير فرسانهم وكان الكامل شجاع بن شاور قد أرسل إلى نور الدين مع بعض الأمراء ينهى محبته وولاءه ويسأله الدخول في طاعته وضمن على نفسه أنه يفعل هذا وبذل ما لا يحمله كل سنة فأجابه إلى ذلك وحمل إليه مالا جزيلا فبقى الأمر على ذلك إلى أن قصد الفرنج مصر سنة أربع وستين وخمسمائة فكان ما نذكره هناك إن شاء الله تعالى
$ ذكر ملك نور الدين صافيثا وعريمه $
في هذه السنة جمع نور الدين العساكر فسار إليه أخوه قطب الدين من الموصل وغيره فاجتمعوا على حمص فدخل نور الدين بالعساكر بلاد الفرنج فاجتازوا على حصن الأكراد فأغاروا ونهبوا وقصدوا عرقة فنازلوها وحصروها وحصروا حلبة وأخذوها وخربوها وسارت عساكر المسلمين في بلادهم يمينا وشمالا تغير وتخرب البلاد وفتحوا العريمة وصافيثا وعادوا إلى حمص فصاموا بها رمضان ثم ساروا إلى بانياس وقصدوا حصن هونين هو للفرنج أيضا من أمنع حصونهم ومعاقلهم فانهزم الفرنج عنه وأحرقوه فوصل نور الدين من الغد فهدم سوره جميعه وأراد الدخول إلى بيروت فتجدد في العسكر خلف أوجب التفرق فعاد

الصفحة 5