كتاب مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة وحل مشكلاتها (اسم الجزء: 10)
المسألة الرابعة في الوصية بالحج
واتفق المذهب عندنا أن الوصية بالحج مكروهة في الابتداء.
واختلف بعد وقوعها في وجوب تنفيذها على قولين:
أحدهما: وجوب تنفيذها، وهو مشهور المذهب.
والثاني: أنه لا يجب تنفيذها على الورثة إلا أن يشاؤوا، وهو قول ابن كنانة.
وسبب الخلاف: اختلافهم في تصويب المجتهدين؛ وهل كل مجتهد مصيب أو المصيب واحد؟
فعلى القول بوجوب تنفيذها، فلا يخلو من وجهين:
أحدهما: أن يوصي بذلك إلى مجهول.
والثاني: أن يوصي بذلك إلى معين معقول.
فإن أوصى بذلك إلى مجهول؛ مثل أن يوصى أن يحج عنه بثلث ماله: فعلى الورثة أو الوصي أن يختاروا لذلك رجلًا حرًّا بالغًا مكلفًا، فيدفعوا له المال ليحج به عن الميت، ويختار لذلك من قد حج أحب إلى مالك، فإن دفع لمن لم يحج أجزأهم، وإن دفعوه إلى عبد أو صبي، أو من هو غير مخاطب بالحج، فلا يخلو من أن يكون ذلك منهم على معنى العمد، أو على معنى الخطأ والجهل.
فإن فعلوه على معنى العمد، فلا خلاف في وجوب الضمان على من دفع.
الصفحة 17
402