كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 10)

وعند الشافعي أنها ركن في أول تكبيرة (¬1)، وبه قَالَ أحمد، وإسحاق، وأشهب (¬2)، وسماها بعض أصحابه: شرطًا. وهو مجاز، وخالف فيه الأئمة الثلاثة، وهو قول ابن عمر (¬3)، وعن الحسن أنه يقرأ بها في كل تكبيرة (¬4)، وعن الحسن بن علي: يقرأ ثلاث مرات (¬5). وعن المسور بن مخرمة أنه قرأ في الأولى بأم القرآن وسورة وجهر (¬6)، دليل مالك أنه ركن من أركان الصلاة، فلم يكن من شرط صحته قراءة أم القرآن كسجود التلاوة. قَالَ الداودي: أحسب أن ابن عباس تأول قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن" (¬7) قَالَ: وذلك ليس من هذا في شيء، ولو كان على عمومه لكان الدعاء غير جائز إلا بعد قراءتها، ولكانت الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - كذلك، قلتُ: هو مذهبنا. وقد قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "استغفروا لأخيكم" (¬8) ولم يذكر قراءة.
وفي قول ابن عباس: (لتعلموا أنها سنة) رد على الداودي، وقال أبو عبد الملك: لعل ابن عباس سمع ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرة، ولم يجر عليه العمل بعد ذلك.
¬__________
(¬1) انظر: "البيان" 3/ 66، "روضة الطالبين" 2/ 125.
(¬2) انظر: "عقد الجواهر الثمينة" 191، "المغني" 3/ 411.
(¬3) رواه ابن أبي شيبة 2/ 492 (11404) باب: من قال: ليس على الجنازة قراءة.
(¬4) رواه ابن أبي شيبة 2/ 492 (11395) باب: من قال: يقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب.
(¬5) رواه ابن المنذر في "الأوسط" 5/ 439.
(¬6) انظر: التخريج السابق.
(¬7) سبق الحديث برقم (756) كتاب: الأذان، باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم.
(¬8) رواه أبو داود من حديث عثمان بن عفان (3221) كتاب: الجنائز، باب: الاستغفار عند القبر للميت، والبزار في "البحر الزخار" 2/ 91 (445)، والحاكم 1/ 370 كتاب: الجنائز، وقال: صحيح الإسناد،، وصححه الألباني في "صحيح الجامع الصغير" (945).

الصفحة 26