كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 10)

القبر؟ فروي عن طائفة من الصحابة وأتباعهم جوازه، وبه قَالَ الشافعي وأحمد (¬1)، واحتجوا بأحاديث الباب وغيرها، وقالوا: لا يصلى على قبر إلا قرب ما يدفن. وأكثر ما حدوا فيه شهرًا، إلا إسحاق فإنه قَالَ: (يصلي الغائب على القبر إلى شهر) (¬2)، والحاضر إلى ثلاثة (¬3).
وكره قوم الصلاة على القبر، وروي عن ابن عمر أنه كان إذا انتهى إلى جنازة قد صلي عليها دعا وانصرف ولم يصل عليها (¬4)، وهو قول مالك. قَالَ ابن القاسم: قلتُ لمالك: فالحديث؟ قَالَ: قد جاء، وليس عليه العمل (¬5).
وقال أبو الفرج: إنه خاص به؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن هذِه القبور مملوءة ظلمة على أهلها حَتَّى أصلي عليها" (¬6) وعبارة ابن الحاجب، ولا يصلى على قبر على المشهور، فإن دفن بغير صلاة فقولان، وعلى النفي. ثالثها: يخرج ما لم يطُل (¬7).
وقال أبو حنيفة: لا يصلى على (قبر) (¬8) مرتين، إلا أن يصلي عليها
¬__________
(¬1) انظر: "الأم" 1/ 240، "المبدع" 2/ 259.
(¬2) في الأصل: (يصلي الغائب من شهر إلى شهر) والمثبت من مصادر التخريج.
(¬3) انظر: "المغني" 3/ 355، "المحلى" 5/ 140.
(¬4) رواه عبد الرزاق 3/ 519 (6545) كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على الميت بعد ما يدفن.
(¬5) انظر: "المدونة" 1/ 164.
(¬6) رواه مسلم (956) كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على القبر، وأحمد 2/ 388، والطيالسي في "مسنده" 4/ 194 (2568)، وأبو يعلى في "مسنده" 11/ 314 (6429)، وابن حبان في "صحيحه" 7/ 355 - 356 (3086): كتاب الجنائز، باب: فصل في الصلاة على الجنازة.
(¬7) "مختصر ابن الحاجب" ص 67 - 68.
(¬8) كذا في الأصل ولعل الصواب: جنازة.

الصفحة 30