خلاف من كرهه.
وأما حديث جابر في مسلم: زجر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقبر الرجل بالليل إلا أن يضطر إلى ذلك (¬1).
وللطحاوي من حديث ابن عمر أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الدفن ليلًا. فقال الطحاوي: يجوز أن يكون النهي عن ذلك ليس من طريق كراهية الدفن بالليل؛ لأنه أراد - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي على جميع الموتى بالمدينة لما لهم في ذلك من الخير والفضل.
وقيل: إنما نهى عن ذلك لمعنى آخر رواه أشعث عن الحسن أن قومًا كانوا يسيئون أكفان موتاهم، فنهى عن دفن الليل لذلك (¬2)، وروي عن جابر (¬3) بن عبد الله نحو ذلك، وقد فعل ذلك برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ولابن شاهين من حديث عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جده مرفوعًا: "بادِرُوا بموتاكُم ملائكة النهار؛ فإنهم أرأفُ من ملائكة الليل" (¬4).
وقال ابن المنذر: أجاز أكثر العلماء الدفن ليلًا، وهو قول أبي حنيفة وأحمد وإسحاق، ودفن سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلًا وكذا عثمان وعائشة وفاطمة وابن مسعود وإبراهيم النخعي (¬5). قَالَ ابن شاهين: وهذا يدل على نسخ الأول (¬6).
¬__________
(¬1) "صحيح مسلم" (943) كتاب: الجنائز، باب: في تحسين كفن الميت.
(¬2) انظر: "شرح معاني الآثار" 1/ 513.
(¬3) ورد بهامش الأصل ما نصه: من خط الشيخ: فيه ابن عقيل.
(¬4) "الناسخ والمنسوخ" 1/ 281 (319)، قال الألباني في "ضعيف الجامع الصغير" (2017): ضعيف.
(¬5) "الأوسط" 5/ 459 - 461.
(¬6) "ناسخ الحديث ومنسوخه" 1/ 282.