كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 10)

قوله: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ} [البقرة: 273]، هم فقراء المهاجرين خاصة، قاله مجاهد (¬1)، وابن أبي جعفر عن أبيه، والسدي (¬2).
ومعنى {أُحْصِرُوا}: منعهم فرض الجهاد عن التصرف، وقيل: أحصرهم عدوهم؛ لأن الله شغلهم بجهادهم، وقيل: شغلهم عدوهم بالقتال عن التصرف، واللغة توجب أن أحصر من المرض إلا أن يكون المعنى صودفوا في هذا الحال.
وقوله: {لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ} أي: تصرفًا عن المدنية. وقيل: ألزموا أنفسهم الجهاد، كما يقال: لا أستطيع أن أعصيك أي: قد ألزمت نفسي طاعتك.
وقوله: {يَحْسَبُهُمُ الجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ} ليس الجهل هنا ضد العلم، وإنما هو ضد الخبرة. أي الجاهل بحالهم بما يرى بهم من التعفف؛ لأنهم لا يسألون.
وقوله: {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ} يعني: ما بهم من الخصاصة، كان أحدهم يلبس البردة إلى نصف الساق والآخر يتزرها. وقوله: {فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} أي يعلمه ويجازي على ما أريد به وجهه.
وأما حديث أبي هريرة الأول: فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس المسكين" أي ليس الشديد المسكنة. قاله ابن التين.
¬__________
(¬1) "تفسير مجاهد" 1/ 117، ورواه ابن جرير في "تفسيره" 3/ 96 (6210)، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" 2/ 540 (2865)، وذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 327، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 1/ 633 وعزاه إلى سفيان، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(¬2) رواه ابن جرير في "تفسيره" 3/ 96 (6211 - 6212).

الصفحة 506