كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 10)

وقال آخرون: لا تحل المسألة بكل حال. واحتجوا بما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال أبي ذر: "لا تسأل الناس شيئًا" (¬1) وجعلوا ذَلِكَ نهيًا عامًّا عن كل مسألة. وبما رواه ابن أبي ذئب، عن محمد بن قيس، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن معاوية، عن ثوبان مرفوعًا: "من تكفل لي بواحدة تكفلت له بالجنة" قال ثوبان: أنا. قال: "لا تسأل الناس شيئًا" وكان سوطه يقع فما يقول لأحدٍ: ناولنيه، فينزل فيأخذه (¬2). وقال قيس بن عاصم لبنيه: إياكم والمسألة، فإنها آخر كسب المرء، فإن أحدًا لن يسأل إلا ترك كسبه (¬3).
وقالت طائفة: لا يأخذ الصدقة من له أربعون درهمًا، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من سأل وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافًا" وقد سلف (¬4). وممن قال بذلك أبو عبيد.
وقالت طائفة: لا تحل لمن له خمسون درهمًا. وهو قول النخعي، والثوري، وأحمد، وإسحاق (¬5). واحتجوا بحديث يروى عن ابن مسعود
¬__________
(¬1) رواه أحمد 5/ 172، والبيهقي في "شعب الإيمان" 3/ 240 (3430)، وذكره المنذري في "الترغيب والترهيب" وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (810) و"صحيح الجامع" (7307).
(¬2) رواه ابن ماجه (1837) كتاب: الزكاة، باب: كراهة المسألة، وأحمد 5/ 275، 277، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 181، والبيهقي في "شعب الإيمان" 3/ 272 - 273 (3520 - 3521) ورواه أبو داود (1643) من طريق آخر. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (1450).
(¬3) رواه البخاري في "الأدب المفرد" (953)، وابن سعد في "طبقاته" 7/ 36 - 37 مختصرًا، والطبراني في "الكبير" 18/ 339 - 340 (869 - 870)، والحاكم. في "المستدرك" 3/ 612 كتاب: معرفة الصحابة، وحسنه الألباني في "الأدب المفرد" (953).
(¬4) سلف تخريجه.
(¬5) انظر: "المغني" 4/ 118 - 119، "المبدع" 2/ 417.

الصفحة 511