كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 10)

عن الذل، والخضوع، والافتقار لغير الله تعالى. وقد فرض الله عليه وعلى الأنبياء قبله ألا يطلبوا على شيء من الرسالة أجرًا، قال تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا} [الأنعام: 90] فلو أخذها لكانت كالأجرة. وكذلك لو أخذها آله؛ لأنه كالواصل إليه وأيضًا فلو حلت له لقالوا: إنما دعانا إلى ذَلِكَ. وادعى القرافي في "ذخيرته" فيه الإجماع (¬1).
وقال ابن قدامة: إنه الظاهر؛ لأن اجتنابها كان من دلائل نبوته كما في حديث سلمان الصحيح: يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة (¬2) وهو عام. وعن أحمد: حل التطوع له (¬3).
ويجوز أن يراد بالآل هنا: نفسه، كما جاء في الحديث: "لقد أوتي مزمارًا من مزامير آل داود" (¬4) يريد داود. ونقل الطحاوي عن أبي يوسف، ومحمد أن التطوع يحرم على بني هاشم أيضًا (¬5) وكره أصبغ لهم فيما بينهم وبين الله تعالى أن يأخذوا من التطوع (¬6).
¬__________
(¬1) "الذخيرة" 3/ 142.
(¬2) "المغني" 4/ 115، وحديث سلمان المذكور هو قطعة من حديث طويل رواه أحمد 5/ 441 - 445، وابن سعد في "طبقاته" 4/ 75 - 80، والبزار في "مسنده" 6/ 462 - 468 (2500)، وابن حبان في "صحيحه" 16/ 64 - 66 (7124) كتاب: إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن مناقب الصحابة، والبيهقي في "دلائله" 2/ 92 - 97، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (4881).
(¬3) انظر: "المغني" 4/ 117.
(¬4) سيأتي برقم (5048) في فضائل القرآن، باب حسن الصوت بالقراءة للقرآن، ورواه مسلم (793) صلاة المسافرين، باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن.
(¬5) "شرح معاني الآثار" 2/ 11.
(¬6) انظر: "النوادر والزيادات" 2/ 297، "البيان والتحصيل" 2/ 381.

الصفحة 543