كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 10)

وقوله: ("اتق دعوة المظلوم") فيه عظة الإمام من ولاه النظر في أمور رعيته، ويأمره بالعدل بينهم، ويخوفه عاقبة الظلم ويحذره وباله، قال تعالى: {أَلَا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] ولعنة الله: الإبعاد من رحمته. والظلم محرم في كل شريعة، وقد جاء أن دعوة المظلوم لا ترد، وإن كانت من كافر (¬1) ومعنى ذَلِكَ أن الرب تعالى لا يرضى ظلم الكافر كما لا يرضى ظلم المؤمن، وأخبر تعالى أنه لا يظلم الناس شيئًا، فدخل في عموم هذا اللفظ جميع الناس من مؤمن وكافر. وحذر معاذًا من الظلم مع علمه بفضله وورعه، وأنه من أهل بدر وقد شهد له بالجنة، غير أنه لا يأمن أحد بل يشعر نفسه بالخوف.
¬__________
(¬1) رواه أحمد 2/ 367، والطيالسي 4/ 92 (2450)، وابن أبي شيبة 6/ 49 (29365)، والقضاعي في "مسند الشهاب" 1/ 208 (315) من طريق أبي معشر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعًا: "دعوة المظلوم مستجابة، وإن كان فاجرًا ففجوره على نفسه".
قال المنذري في "الترغيب والترهيب" 3/ 130 (3372)، والحافظ في "الفتح" 3/ 360، والهيثمي في "المجمع" (17227): إسناده حسن.
وله شاهد من حديث أنس؛ رواه أحمد 3/ 153 عنه مرفوعًا: "اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافرًا فإنه ليس دونها حجاب".
وقال الهيثمي في "المجمع"10 (17235) فيه: أبو عبد الله الأسدي، لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح والحديثين صححهما الألباني في "الصحيحة" (767).

الصفحة 590