كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 10)

قَال: "أَرْسَلَنِيَ اللهُ" فَقُلْتُ: وَبِأَي شَيءِ أَرْسَلَكَ؟ قَال: "ارْسَلَنِي بِصِلَةِ الأَرْحَامِ، وَكَسْرِ الأَوْثَانِ، وَأَنْ يُوَحَّدَ اللهُ لا يُشْرَكُ بِهِ شَيءٌ" قُلْتُ لَهُ: فَمَنْ مَعَكَ عَلَي هَذَا؟ قَال: "حُرٌّ وَعَبْدٌ"، (قَال: وَمَعَهُ يَوْمَئِذٍ أَبُو بَكْرٍ وَبِلالٌ مِمَّنْ آمَنَ بِهِ)،
ــ
قولك أنا نبي (قال) ذلك الرجل معناه أنا رسول (أرسلني الله) تعالى إلى كافة الخلق، وفي المفهم قوله (وما نبي) سؤال عن النبوة وهي من جنس ما لا يعقل لأنها معنى من المعاني اهـ (فقلت) له (وبأي شيء أرسلك؟ قال: أرسلني بصلة الأرحام) أي بالأمر بصلة الأرحام والنهي عن قطيعتها، قال النواوي: يدل على تأكد صلتها لأنه قرنها بالتوحيد، قال الأبي: قد صح أن جواباته صلى الله عليه وسلم تكون بحسب السائل وبحسب الزمان والحال، فتخصيص الرحم بالذكر يحتمل لمراعاة حال العرب فيها أو أن غيرها من الفرائض لم يكن فرض اهـ منه (وكسر الأوثان) والأصنام وإعدامها (وأن يوحد الله) تعالى أي يفرد بالعبادة حال كونه (لا يشرك به شيء) من المخلوقات (قلت له) صلى الله عليه وسلم (فمن معك على هذا) التوحيد (قال) النبي صلى الله عليه وسلم معي على هذا التوحيد (حر وعبد، قال) عمرو بن عبسة (ومعه) صلى الله عليه وسلم (يومئذ) أي يوم إذ قدمت عليه (أبو بكر وبلال) حال كونهما (ممن آمن به) صلى الله عليه وسلم يعني الحر أبو بكر والعبد بلال، ولم يذكر له النبي صلى الله عليه وسلم عليًّا لصغره فإنه أسلم وهو ابن سبع سنين، وقيل ابن عشر ولا خديجة رضي الله تعالى عنها لأنه فهم عنه أنه إنما سأله عن الرجال فأجابه حسب ذلك.
ويشكل هذا الحديث بحديث سعد بن أبي وقاص فإنه قال: ما أسلم أحد إلا في اليوم الذي أسلمت فيه، ولقد مكثت سبعة أيام وإني لثلث الإسلام وظاهره وأن أبا بكر وبلالًا أسلما في اليوم الذي أسلم فيه سعد، وأنه أقام سبعة أيام لم يسلم معهم أعني الثلاثة أحد، وحينئذ يلزم أن يكون مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم جاءه عمرو بن عبسة أبو بكر وسعد وبلال لكن سكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم أعني عن سعد فلم يذكره إما ذهولًا عنه وإما لأن سعدًا لم يكن حاضرًا إذ ذلك بمكة وإما لأمر آخر والله أعلم اهـ من المفهم.
قال النواوي: يحتج به من يقول إن أبا بكر أول من آمن، قال الأبي: جمع بين أحاديث أول من آمن فمن قال: أبو بكر يعني من الرجال، ومن قال: بلال يعني من

الصفحة 226