كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 10)

فَيَنْتَثِرُ إِلا خَرَّتْ خَطَايَا وَجهِهِ وَفِيهِ وَخَيَاشِيمِهِ. ثُم إِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ كَمَا أمَرَهُ اللهُ إِلا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ مِنْ أَطْرَافِ لِحْيَتِهِ مَعَ الْمَاءِ. ثُم يَغْسِلُ يَدَيهِ إِلَى الْمِرْفَقَينِ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا يَدَيهِ مِنْ أَنَامِلِهِ مَعَ الْمَاءِ. ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ إِلا خَرَّتْ خَطَايَا رَأسِهِ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهِ مَعَ الْمَاءِ. ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَيهِ إِلَى الْكَعْبَينِ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا رِجْلَيهِ مِنْ أَنَامِلِهِ مَعَ الْمَاءِ. فَإِنْ هُوَ قَامَ فَصَلَّى، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيهِ، وَمَجَّدَهُ بَالَّذِي هُوَ لَهُ أَهْلٌ، وَفَرَّغَ قَلْبَهُ لِلَّهِ، إِلا انْصَرَفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَهَيئَتِهِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"
ــ
أنفه (فينتثر) أي فيخرج ما في أنفه من الماء والمخاط (إلا خرت) أي سقطت منه (خطايا وجهه) أي ذنوب عملها بوجهه (وفيه) أي وخطايا فمه (وخياشيمه) جمع خيشوم وهو أقصى الأنف وقيل الخياشيم عظام رقاق في أصل الأنف بينه وبين الدماغ، وقيل غير ذلك أي وخطايا أنفه، والمراد بالخطايا الصغائر كما سبق في كتاب الطهارة (ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله) تعالى به بإسباغ غسل وجهه (إلا خرت) أي سقطت (خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء) فيه إشارة إلى سرعة انمحاء الخطايا مع ماء الوضوء كما مر في باب الوضوء (ثم يغسل يديه إلى المرفقين) أي معهما (إلا خرت) وسقطت (خطايا يديه من أنامله مع الماء ثم يمسح رأسه إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء ثم يغسل قدميه إلى الكعبين) أي معهما (إلا خرت) وسقطت (خطايا رجليه من أنامله مع الماء) قال القرطبي: رواية أكثرهم (خرت) بالخاء المعجمة أي سقطت وهو كناية عن مغفرة الذنوب، وعند أبي جعفر (جرت) بالجيم في الأولى، وقد رويناه بالجيم في جميعها ومعناه صحيح كما قال خرجت خطاياه مع الماء (فإن هو) أي ذلك الرجل المتوضئ (قام فصلى) ركعتين سنة وضوء أو غيرهما (فحمد الله) أي وصفه بالكمالات (وأثنى عليه) أي ذكره بتنْزيهه من النقائص (ومجده) أي عظمه (بالذي) أي بذكر الكمال الذي (هو) أي ذلك الكمال إله) تعالى (أهل) أي لائق به تعالى (وفرغ) بالتشديد (قلبه لله) أي مما يشغله عن الصلاة كما قال: لا يحدث فيها نفسه (إلا انصرف) ورجع (من خطيئته كهيئته) أي على هيئته (يوم ولدته أمه) أي لا يبقى عليه شيء من ذنبه لا كبيرة ولا صغيرة، وهذا المعنى ما يدل عليه ظاهر الحديث وقد بينا هذا المعنى في الطهارة فراجعه اهـ من المفهم، وقوله (إلا انصرف من خطيئته) قال ابن الملك: جزاء الشرط محذوف يعني فإن قام فصلى فما يكون على حال من الأحوال إلا على حال انصرافه من خطيئته

الصفحة 231