كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 10)

تَنْهَى عَنْ هَاتَينِ الرَّكْعَتَينِ. وَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا؟ فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخِرِي عَنْهُ. قَال: فَفَعَلَتِ الْجَارِيَةُ. فَأَشَارَ بِيَدِهِ، فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَال: "يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ! سَأَلْتِ عَنِ الرّكْعتَينِ بَعْدَ الْعَصرِ. إِنهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيسِ بِالإِسْلامِ مِنْ قَوْمِهِمْ، فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَينِ اللَّتَينِ بَعْدَ الظُّهْرِ. فَهُمَا هَاتَانِ"
ــ
صلى الله عليه وسلم (فقولي له تقول) لك (أم سلمة: يا رسول الله إني أسمعك) وفي بعض النسخ إني سمعتك (تنهى عن هاتين الركعتين) بعد العصر (وأراك تصليهما) بنفسك (فـ) قلت للجارية (أن أشار بيده) بأن استأخري عني (فاستأخري عنه قال) أي قال الراوي وهي أم سلمة، وفي بعض النسخ (قالت) وهو الصواب أي قالت أم سلمة (ففعلت الجارية) ما أمرتها به (فأشار) النبي صلى الله عليه وسلم (بيده) الشريفة بأن استأخري عني (فاستأخرت) الجارية (عنه) صلى الله عليه وسلم، قال النواوي: فيه أن إشارة المصلي بيده ونحوها من الأفعال الخفيفة لا تبطل الصلاة، وفي إرسالها الجارية مع القدرة على اليقين بالسماع من لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم قبول خبر الواحد والمرأة، وفي قولها تقول أم سلمة ولم تقل تقول هند باسمها جواز ذكر الإنسان نفسه بالكنية إذا لم يعرف إلا بها أو اشتهر بها بحيث لا يعرف غالبًا إلا بها، وكنيت بابنها سلمة بن أبي سلمة وكان صحابيًّا، وقد ذكرت أحواله في ترجمتها من تهذيب الأسماء اهـ منه (فلما انصرف) النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة (قال) لأم سلمة مخاطبًا لها (يا بنت أبي أمية) واسمها هند بنت أبي أمية حذيفة بن المغيرة المخزومية أ (سألتـ) ـني (عن) سبب (الركعتين) اللتين أصليهما (بعد العصر) مع نهيي للناس عن الصلاة بعد العصر سببهما (إنه) أي إن الشأن والحال (أتاني ناس من عبد القيس بـ) خبر (الإسلام) الواقع (من قومهم فشغلوني) بالمحادثة معهم (عن) فعل (الركعتين اللتين بعد الظهر فهما) أي الركعتان اللتان شغلت عنهما بعد الظهر (هاتان) الركعتان اللتان صليتهما بعد عصر كل يوم، وظاهر الحديث أن هذا من خصوصياته صلى الله عليه وسلم لعموم النهي للغير ولأنه ورد في أحاديث عن عائشة أنه كان يصليهما دائمًا، وقد ذكر الطحاوي بسنده حديث أم سلمة وزاد "فقلت يا رسول الله أفنقضيها إذا فاتتنا؟ قال: لا" اهـ فمعنى الحديث أي وقد علمت أن من خصائصي أني إذا عملت عملًا داومت عليه فمن ثم فعلتهما ونهيت غيري عنهما اهـ من المرقاة. وشارك المؤلف في روايته البخاري [١٢٣٣]، وأبو داود [١٢٣٧]، والنسائي [١/ ٢٨١ - ٢٨٢]، وسند هذا الحديث من

الصفحة 237