كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 10)

هُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. فَنَادَاهُ عُمَرُ: أَيَّةُ سَاعَةٍ هذِهِ؟ فَقَال: إِنِّي شُغِلْتُ الْيَوْمَ. فَلَمْ أَنْقَلِبْ إِلَى أَهْلِي حَتَّى سَمِعْتُ النِّدَاءَ. فَلَمْ أَزِدْ عَلَى أَنْ تَوَضأْتُ. قَال عُمَرُ: وَالْوُضُوءَ أَيضًا! وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ
ــ
وهما لفظ بين زيدت فيه الألف فقط كما هنا أو الألف والميم كما في رواية البخاري فلزم الإضافة إلى الجملة (هو) أي عمر قائم على المنبر (يخطب الناس) ويعظهم بذكر الوعد والوعيد (يوم الجمعة دخل رجل) جواب بينا، والأفصح أن لا يكون في جوابه إذ وإذا أي بينا أوقات خطبة عمر دخل المسجد رجل (من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) من المهاجرين الأولين كما هو في رواية البخاري ممن شهد بدرًا أو أدرك بيعة الرضوان أو صلى القبلتين؛ هو عثمان بن عفان رضي الله عنه (فناداه) أي فنادى ذلك الرجل (عمر) رضي الله تعالى عنهما أي قال له يا فلان (آية ساعة هذه) الساعة التي جئت فيها أهي ساعة المبكرين أم ساعة المتأخرين، استفهام إنكار لينبه على ساعة التبكير التي رُغب فيها وليرتدع من هو دونه أي لم تأخرت إلى هذه الساعة (فقال) عثمان معتذرًا عن التأخر (إني شُغلت اليوم) بضم الشين وكسر الغين المعجمة مبنيًّا للمفعول أي كنت اليوم مشغولًا بشواغل خارجية (فلم أنقلب) أي فلم أرجع (إلى أهلي) أي إلى بيتي من الانقلاب وهو الرجوع نظير قوله تعالى: {وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا} [الانشقاق: ٩] (حتى سمعت النداء) أي التأذين بين يدي الخطيب (فلم أزد على أن توضأت) أي فلم أشتغل بشيء إلا بالوضوء بعد أن سمعت النداء (قال عمر: والوضوء أيضًا) بالنصب أي وتوضأت الوضوء واقتصرت عليه أيضًا أي كما قصرت في التبكير، قال الحافظ ابن حجر: بنصب الوضوء وبالواو عطفًا على الإنكار الأول أي والوضوء اقتصرت عليه واخترته دون الغسل أي أما اكتفيت بتأخير الوقت وتفويت الفضيلة حتى تركت الغسل واقتصرت على الوضوء اهـ وجُوز الرفع على أنه مبتدأ خبره محذوف أي والوضوء تقتصر عليه أو خبر حُذف مبتدؤه أي كفايتك الوضوء أيضًا، وأيضًا منصوب على أنه مصدر من آض يئيض أي عاد ورجع، والمعنى ألم يكفك أن فاتك فضل التبكير حتى أضفت إليه ترك الغسل المرغب فيه اهـ من الإرشاد (و) الحال أنك (قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل) أي أمر ندب لمن يريد حضور الجمعة كما دل عليه تركه

الصفحة 267