كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 10)

١٨٨٧ - (٨٢٨) (٢٣٢) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا أَبُو خَيثَمَةَ، عَنْ سِمَاكٍ
ــ
يخطب أن يصلي ركعتين، ونهى المتخطي رقاب الناس عن ذلك وأمره بالجلوس، وكان يدعو الرجل في خطبته: تعال اجلس يا فلان، وكان يأمرهم بمقتضى الحال في خطبته فلا بد للخطيب أن يقرأ القرآن ويعظ به ويأمر وينهى ويبين الأحكام المحتاج إليها فإن كان السامعون أعاجم يترجم بلسانهم، فإن أثر التذكير والوعظ في غير بلاد العرب لا يحصل ولا يفيد إلا بالترجمة بلسانهم، وحديث جابر هذا هو أدل دليل على جواز ذلك وقال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} الآية، قال في جامع البيان: أي ليُبَينَ لهم ما أمروا به فيفهموه بلا كلفة ورسول الله صلى الله عليه وسلم وإن بعث إلى الأحمر والأسود بصرائح الدلائل لكن الأولى أن يكون بلغة من هو يهم حتى يفهموا ثم ينقلوه ويترجموه. انتهى (فإن قلت) إن كانت الترجمة تجوز في الخطبة فتجوز قراءة ترجمة القرآن أيضًا في الصلاة، فإن صلى واحد وقرأ ترجمة سورة الفاتحة مثلًا مكان الفاتحة صحت صلاته.
[قلت] كلا ولا يجوز ذلك في الصلاة قط، والقياس على الخطبة قياس مع الفارق لأن الخطبة ليس فيها ألفاظ مخصوصة وأذكار معينة بل إنما هي التذكير كما مر، والصلاة ليست بتذكير بل إنما هي ذكر وبين الذكر والتذكير فرق واضح، ولابد في الصلاة من قراءة القرآن للإمام والمأموم والمنفرد لقوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} فلفظ اقرءوا صيغة أمر يدل على الوجوب، ولا يمتثل الأمر إلا بقراءة القرآن بالنظم العربي كما أنزل عليه ووصل إلينا بالنقل المتواتر لأن من يقرأ ترجمة القرآن في الصلاة لا يطلق عليه قراءة القرآن بل هو خالف الأمر المأمور به، فكيف يجوز قراءة ترجمة القرآن في الصلاة؟ ! بل هو ممنوع، وأما الخطبة فهي تذكير فلا بد للخطيب أن يفهم معاني القرآن بعد قراءته ويذكر السامعين بلسانهم وإلا فيفوت مقصود الخطبة كذا في غاية المقصود ملخصًا اهـ من العون.
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث ابن عمر بحديث آخر لجابر بن سمرة رضي الله عنهم فقال:
١٨٨٧ - (٨٢٨) (٢٣٢) وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (أخبرنا أبو خيثمة) زهير بن معاوية الجعفي الكوفي (عن سماك) بن حرب بن أوس الذهلي الكوفي

الصفحة 324