كتاب الإصابة في تمييز الصحابة (ط هجر) (اسم الجزء: 10)

وذكر الواقدي، حَدَّثنا محمد بن يعقوب الثَّقفي، عَن أَبيه، قال: حَدَّثنا عبد الملك بن عيسى وعبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى بن كعب الثَّقفيان وغيرهم كل حدثني بطائفة من الحديث، عَن المغيرة بن شعبة في قصة خروجهم من الطائف إلى المقوقس بأنهم لما دخلوا على المقوقس قال لهم كيف خلصتم إلى ومحمد وأصحابه بيني وبينكم قالوا لصقنا بالبحر قال فكيف صنعتم فيما دعاكم إليه قالوا ما تبعه منا رجل واحد قال فكيف صنع قومه قالوا تبعه أحداثهم وقد لاقاه من خالفه في مواطن كثيرة قال فإلى ماذا يدعو قالوا إلى أن نعبد الله وحده ونخلع ما كان يعبد آباؤنا ويدعو إلى الصلاة والزكاة ويأمر بصلة الرحم ووفاء العهد وتحريم الزنا والربا والخمر فقال المقوقس:
هذا نبي مرسل إلى الناس كافة ولو أصاب القبط والروم لاتبعوه وقد أمرهم بذلك عيسى وهذا الذي تصفون منه بعث به الأنبياء من قبله وستكون له العاقبة حتى لا ينازعه أحد ويظهر دينه إلى منتهى الخف والحافر.
فقالوا لو دخل الناس كلهم معه ما دخلنا معه فأنغص المقوقس رأسه وقال أنت في اللعب ثم سألهم، عَن نحو ما وقع لهم في قصة هرقل وفي آخره فما فعلت يهود يثرب قلنا خالفوه فأوقع بهم قال هم قوم حسد أما أنهم يعرفون من أمره مثل ما نعرف فذكر قصة المغيرة فيما فعله برفقته ثم إسلامه بطولها.
وقد ذكر بن عبد الحكم في فتوح مصر، عَن عثمان بن صالح، عَن ابن لهيعة، عَن عَبد الله بن أبي جعفر وغيره في حصار عَمرو بن العاص القبط في الحصن إلى أن قال فلما خاف المقوقس على نفسه ومن تبعه فحينئذ سأل عَمرو بن العاص الصلح ودعاه إليه فذكر القصة.
ومن طريق خالد بن مرثد، عَن جماعة من التابعين أن المقوقس سبح هو وخواص القبط إلى الجزيرة واستخلف الأعيرج على الحصن ثم ذكر، عَن المقوقس استمراره على الصلح مع المسلمين لما نقض الروم العهد إلى غير ذلك مما يدل على أنه تمادي على النصرانية إلى أن مات وقصته في ذلك شبيهة بقصة هرقل كما سيأتي في ترجمته إن شاء الله تعالى.

الصفحة 570