كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 10)

فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم:٤١] " (¬١).
قوله: «وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ»، نعمة العافية من أعظم النعم بعد نعمة الإيمان والإسلام، روى الترمذي في سننه من حديث رفاعة بن رافع، قال: قام أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - على المنبر ثم بكى، فقال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الأول على المنبر ثم بكى فقال: «سَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ، فَإنَّ أَحَدًا لَمْ يُعْط بَعْد الْيَقِينِ خَيرًا مِنَ الْعَافِيَةِ» (¬٢).
قال ابن القيم - رحمه الله - تعليقًا على الحديث المذكور: «فجمع بين عافيتي الدين والدنيا، ولا يتم صلاح العبد في الدارين إلا باليقين والعافية، فاليقين يدفع عنه عقوبات الآخرة، والعافية تدفع عنه أمراض الدنيا في قلبه وبدنه، فجمع أمر الآخرة في كلمة، وأمر الدنيا كله في كلمة (¬٣).
واستعاذ - صلى الله عليه وسلم - من تحول عافيته سبحانه؛ لأنه إذا كان قد اختصه الله بعافيته، فقد ظفر بخير الدارين، فإن تحولت عنه فقد أصيب بشر الدارين، فإن العافية بها صلاح الدِّين والدنيا كما تقدم» (¬٤).
---------------
(¬١). توضيح الأحكام (٦/ ٤٣٥).
(¬٢). برقم ٣٥٥٨، وصححه الشيخ الألباني - رحمه الله - في صحيح سنن الترمذي (٣/ ١٨٠) برقم ٢٨٢١.
(¬٣). زاد المعاد (٤/ ١٩٧).
(¬٤). المصدر السابق.

الصفحة 24