كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 10)

«قوله: «وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ»: الفجاءة هي البغتة التي تأخذ الإنسان من حيث لا يكون عنده سابق إنذار وإخطار وتحذير، فيؤخذ من مأمنه حيثما تفجأه النقمة، ويبغته العذاب، ولات حين مناص ولا مفر، قال تعالى: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (٩٧) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٩٨) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (٩٩)} [الأعراف:٩٧ - ٩٩]» (¬١).
«واستعاذ - صلى الله عليه وسلم - من فجاءة نقمة الله -سُبْحَانَهُ- لأنه إذا انتقم من العبد فقد أحل به من البلاء ما لا يقدر على دفعه، ولا يُستدفع بسائر المخلوقين، وإن اجتمعوا جميعًا» (¬٢).
قوله: «وَجَمِيعِ سَخَطِكَ»: استعاذ - صلى الله عليه وسلم - من جميع سخطه؛ لأنه -سُبْحَانَهُ- إذا سخط على العبد فقد هلك وخسر، ولو كان السخط في أدنى شيء وبأيسر سبب، ولهذا قال الصادق المصدوق وجميع سخطك وجاء بهذه العبارة شاملة لكل سخط» (¬٣).
روى الترمذي في سننه من حديث بلال بن الحارث صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ
---------------
(¬١). توضيح الأحكام (٦/ ٤٣٥).
(¬٢). تحفة الذاكرين للشوكاني - رحمه الله - ص ٤٢١.
(¬٣). المصدر السابق.

الصفحة 25