كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 10)
بالشام، قال: فجعل أمية يقول لسعد: لا ترفع صوتك، وجعل يمسكه، فغضب سعد فقال: دعنا عنك، فإني سمعت محمدًا - صلى الله عليه وسلم - يزعم أنه قاتلك، قال: إياي؟ قال: نعم، قال: والله ما يكذب محمد إذا حدَّث، فرجع إلى امرأته فقال: أما تعلمين ما قال لي أخي اليثربي؟ قالت: وما قال؟ قال: زعم أنه سمع محمدًا - صلى الله عليه وسلم - يزعم أنه قاتلي، قالت: فوالله ما يكذب محمد، قال: فلما خرجوا إلى بدر، وجاء الصريخ قالت له امرأته: أما ذكرت ما قال لك أخوك اليثربي؟ قال: فأراد أن لا يخرج، فقال له أبو جهل: إنك من أشراف الوادي، فسر يومًا أو يومين، فسار معهم، فقتله الله (¬١).
ويظهر في الموقف السابق شجاعة سعد وشدته على الكافرين، واعتزازه بدينه، فمع أنه بمكة لوحده، إلا أنه كان يهدد سادات قريش في عقر دارهم.
المثال الثالث: لما قدم عمر الشام، عرضت له مخاضة فنزل عن بعيره، ونزع موقيه (¬٢)، فأمسكهما بيده وخاض الماء ومعه بعيره، فقال له أبو عبيدة: قد صنعت اليوم صنيعًا عظيمًا عند أهل الأرض، صنعت كذا وكذا، قال: فصك في صدره، وقال: أَوَّهْ (¬٣)، لو غيرك يقولها يا أبا عبيدة، إنكم كنتم أذل الناس،
---------------
(¬١). برقم ٣٦٣٢.
(¬٢). الموق الخف، النهاية (٤/ ٣٧٢).
(¬٣). كلمة توجع.