كتاب الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (اسم الجزء: 10)
روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تَقِيءُ الأَرْضُ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا أَمْثَالَ الأُسْطُوَانِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَيَجِيءُ الْقَاتِلُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قَتَلْتُ، وَيَجِيءُ الْقَاطِعُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قَطَعْتُ رَحِمِي، وَيَجِيءُ السَّارِقُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قُطِعَتْ يَدِي، ثُمَّ يَدَعُونَهُ فَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ شَيْئًا» (¬١).
قوله تعالى: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (٥)} أذنت: يعني استمعت وأطاعت لربها، وحقت: فبعد أن كانت مدورة فيها المرتفع والنازل صارت كأنها جلد ممتدة امتدادًا واحدًا.
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (٦)} أي ساع إلى ربك سعيًا، وعامل عملًا، ثم إنك ستلقى ما عملت من خير أو شر، ويشهد لذلك ما رواه الحاكم في المستدرك من حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: «جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَال: يَا مُحَمْد عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَأَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ» (¬٢).
قال قتادة: يا ابن آدم إن كدحك لضعيف، فمن استطاع أن يكون كدحه في طاعة الله فليفعل، ولا قوة إلا بالله.
---------------
(¬١). برقم ١٠١٣.
(¬٢). (٥/ ٤٦٣) برقم ٧٩٩١، وقال المنذري في كتابه الترغيب والترهيب (١/ ٤٨٥): رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن. وصححه الشيخ الألباني - رحمه الله - في صحيح الجامع الصغير برقم ٧٣.