كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 10)

نظاما يتجاوب مع ما يشعر به كل جزائري في أعماقه من إحساس عميق، وما يؤمن به داخل نفسه من سلوك، وما يطبقه في حياته من أخلاق. ولذلك لم يجد قادة جيش التحرير، عندما رجعوا الى مراكز عملهم، صعوبة في تطبيق تلك النظم، ولذلك أيضا لم تبق تلك النظم مجرد عبادة مكتوبة أو قاعدة محفوظة، ولكنها صارت حقيقة ثابتة يعيشها المجاهد في وحدته ويطبقها في حياته اليومية، ويؤيدها الشعب كله، وهذا هو ما مكن جيش التحرير من إحراز انتصاراته بالرغم من قلة عدده. وقد اعترف الأعداء ذاتهم بهذه الحقيقة التي كانت سببا في إحباط جميع الدعايات الاستعمارية التي حاولت أن تبرز مجاهدي الثورة في صورة قطاع الطرق، الذين لا يقيمون وزنا لأي مثل أخلاقي أعلى ولقد شاهد الصحافيون الأجانب بأنفسهم ما يتمتع به المجاهدون الجزائريون من سلوك فاضل وروح عالية وانضباط رائع.
لقد كتب صحافي إفرنسي زار ولاية وهران في السنة الماضية (1956) يقول: (ومما لاحظته أثناء مقامي في المناطق التي زرتها، أن جنود جيش التحرير يحترمون بكل دقة قوانين الحرب. وقد شاهدت بعيني أسيرين إفرنسيين يعيشان بين الجنود، ويأكلان مما يأكلون، ويطالعون الصحف، ولسنا في حاجة إلى أن نورد أسماء الأسرى الذين أطلقت قيادة جيش التحرير سراحهم فعادوا الى أهلهم يعيشون في سلام. أولئك الأسرى الذين تعمدت الصحف الإفرنسية أن تصمت عنهم، فلم تشر إليهم بأكثر من إشارة غامضة، إلا أن ذلك لم يمنع الحقيقة من أن تنتصر في النهاية. وها هم اليوم مبعوثو الصحف الكبرى والمجلات الأجنبية، التي لها صدى كبير في العالم أجمع، يزورون معاقل جيش التحرير، في جبال الجزائر، فيرون عن كثب أن ما تنشره قيادة جيش التحرير ليس دعاية مبالغا فيها ولكنه الواقع المحض).

الصفحة 127