كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 23)
"""""" صفحة رقم 12 """"""
وركض الحسين بن حمدان إلى الحلبة ظناً منه أن المقتدر يلعب هناك بالكرة فيقتله ، فلم يصادفه لأنه لما بلغه قتل الوزير ركض دابته ودخل الدار . وغلقتِ الأبواب ، فندم الحسينُ حيث لم يبدأ بالمقتدر وأحضروا ابن المعتز وبايعوه بالخلافة ، وتولى أخذ البيعة له محمد بن سعيد الأزرق ، وحضر الناس والقواد وأصحاب الدواوين سوى أبي الحسن بن الفرات وخواص المقتدر فإنهم لم يحضروا . ولقب ابن المعتز المرتضي بالله أبا العباس عبد الله بن المعتز .
ووجه إلى المقتدر يأمره بالانتقال إلى دار ابن طاهر - التي كان بها قبل الخلافة - لينتقل هو إلى دار الخلافة ، فأجابه بالسمع والطاعة ، وسأل الإمهال إلى الليل . وعاد الحسين بن حمدان بكرة غدٍ إلى دار الخلافة فقاتله الخدم والعلمان والرجالة من وراء السور عامة النهار ، فانصرف عنهم آخر النهار . فلما جنه الليل سار عن بغداد بأهله وماله إلى الموصل لا يدري لم فعل ذلك ؟ ولم يكن قد بقي مع المقتدر من القواد غير مؤنس الخادم ومؤنس وغريبٍ الخال وحاشية الدار . فلما هم المقتدر بالانتقال من الدار قال بعضهم لبعض : لا نسلم الخلافة من غير أن نبلى عدواً ونجتهد في دفع ما أصابنا فاجتمع رأيهم على أن يصعدوا في الماء إلى الدار التي فيها ابن المعتز يقاتلونه ، فأخرج لهم المقتدر السلاح والزرديات وركبوا السميريات . فلما رآهم من عند ابن المعتز هالهم كثرتهم ، واضطربوا ، وهربوا على وجوههم من قبل أن يصلوا إليهم ، وقال بعضهم لبعض : إن الحسين بن حمدان ما يريد يجري ، فلهذا هرب من الليل ، وهذه مواطأة بينه وبين المقتدر . ولما رأى عبد الله بن المعتز ذلك ركب ومعه وزيره محمد بن داود وهربا ، وغلام له ينادي : يا معشر العامة ادعوا لخليفتكم السني البربهاري وإنما نسبة لذلك لأن الحسين بن القاسم بن عبيد الله البربهاري كان مقدم الحنابلة والسنة من العامة ولهم فيها اعتقادٌ عظيم ، فأراد استمالتهم بهذا القول .
ثم إن ابن المعتز ومن معه ساروا نحو الصحراء ظناً منهم أن من بايعه من الجند يتبعونه ، فلم يلحقه منهم أحد ، فرجعوا ، واختفى محمد بن داود في داره ، ونزل ابن