كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 23)

"""""" صفحة رقم 13 """"""
المعتز عن دابته ومعه غلامه يمن ، وانحدرا إلى دار عبد الله بن الجصاص ، فاستجارا به . واستتر أكثر من بايع ابن المعتز ، ووقعت الفتنة والنهب والقتل ببغداد ، وثار العيارون السفلة ينهبون الدور .
وكان ابن عمرويه - صاحب الشرطة - ممن بايع ابن المعتز ، فلما هرب جمع ابن عمروية أصحابه ونادى بشعار المقتدر يدلس بذلك فناداه العامة : يا مراء يا كذاب وقاتلوه ، فهرب واستتر وتفرق أصحابه .
وقلد المقتدر في تلك الساعة الشرطة مؤنساً الخازن ، وخرج بالعسكر وقبض على . . . وصيف بن صوار تكين وغيره ، فقتلهم .
وقبض على القاضي أبي المثنى أحمد بن يعقوب فقتله لأنه قيل له بايع المقتدر فقال : لا أبايع صبياً فذبح ، وأرسل المقتدر إلى أبي الحسن علي بن الفرات - وكان مختفياً - فأحضره ، واستوزره ، وخلع عليه .
وكان في هذه الحادثة عجائب منها أن الناس كلهم أجمعوا على جعل المقتدر والبيعة لابن المعتز ، فلم يتم ذلك ، بل كان بالعكس . ومنها أن ابن حمدان على شدة تشيعه يسعى في البيعة لابن المعتز على غلوه في النصب .
ثم إن خادماً لابن الجصاص - يعرف بسوسن - أخبر صافياً الحرمي أن ابن المعتز عند مولاه ومعه جماعة ، فكبست داره وأخذ ابن المعتز منها وحبس إلى الليل ، ثم عصرت خصيتاه حتى مات وسلم إلى أهله . وصودر ابن الجصاص على مالٍ كثيرٍ ، وأخذ محمد بن داود وزير المعتز فقتل ، ونفي على بن عيسى إلى واسط ، وصودر القاضي أبو عمرو على مائة ألف دينار ، وسيرت العساكر من بغداد في طلب الحسين بن حمدان ، فتبعوه إلى الموصل ثم إلى بلده ، فلم يظفروا بهن فعادوا إلى بغداد . وأخذ الوزير الجرائد التي كان فيها أسماء من أعان على المقتدر فغرقها في دجلة ، وبسط ابن الفرات العدل والإحسان وأخرج الإدرارات للطالبيين والعباسيين . وأرضى القواد بالأموال ، ففرق معظم ما كان في بيوت الأموال .
وفي هذه السنة كان ابتداء ظهور العبيدية المنسوبة للعلوية بأفريقية على ما نذكره - إن شاء الله تعالى - في أخبارهم .

الصفحة 13