كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 23)
"""""" صفحة رقم 16 """"""
حاجة دق صدره وقال : نعم وكرامةً فسمي دق صدره إلا أنه قصر في إطلاق الأموال للقواد والفرسان فنفروا عنه . وكان أولاده قد تحكموا عليه وكل منهم يسعى لمن يرتشي منه ، فكان يولي في الأيام القليلة عدة العمال حتى إنه ولي ماه الكوفة في مدة عشرة أيام سبعة من العمال ، فاجتمعوا في الطريق فعرضوا توقيعاتهم ، فسار الأخير وعاد الباقون يطلبون ما خدموا به أولاده ، فقيل في ذلك :
وزير قد تكامل في الرقاعة . . . يولي ثم يعزل بعد ساعة
إذا أهل الرشا اجتمعوا لديه . . . فخير القوم أوفرهم بضاعة
وليس يُلام في هذا بحالٍ . . . لأن الشيخ أفلت من مجاعة
قال : ثم زاد الأمر حتى تحكم أصحابه ، فكانوا يطلقون الأموال ويفسدون الأحوال ، فانحلت القواعد ، وخبثت النيات واشتغل الخليفة بعزل وزرائه والقبض عليهم والرجوع إلى قول النساء والخدم والتصرف على مقتضى إرادتهم ، فخرجت الممالك وطمع العمال في الأطراف ، فصار مآل الأمر إلى ما نذكره إن شاء الله تعالى .
قال : ثم أحضر المقتدر الوزير ابن الفرات من محبسه وجعله في حجرةٍ - من ضمن الحجر - مكرماً ، فكان يعرض عليه مطالعات العمال وغير ذلك باراً به بعد أن أخذ أمواله . وفي هذه السنة غزا رستم أمير الثغور الصائفة من ناحية طرسوس ومعه دميانة ، فحصر حصن مليح الأرمني ، ثم دخل بلده وأحرقه .
قال ابن الجوزي : وفي هذه السنة ورد من مصر أربعة أحمال مال ، وقيل إنه وجد هناك كنز قديم . وكان معه ضلع إنسان طوله أربعة عشر شبراً في عرض شبرٍ ، وزعموا أنه من قوم عاد . . . وكان مبلغ المال خمسمائة ألف دينار ، وكان مع ذلك هدايا عجيبة - قال - وذكر الصولي أنه كان في الهدايا تيس له ضرع يحلب اللبن ووردت رسل أحمد بن إسماعيل بهدايا فيها بدنة مرصعة بفاخر الجوهر ، وتاج من ذهب مرصع بجوهر له قيمة كبيرة ، ومناطق ذهبٍ مرصعه ، وخلع سلطانية فاخرة ،