كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 23)
"""""" صفحة رقم 22 """"""
وعاد فقبض على الخاقاني الوزير وأصحابه ، واعترض العمال وغيرهم وعاد عليهم بأموال عظيمة .
وكان أبو علي بن مقلة قد استخفى منذ قبض على ابن الفرات إلى الآن ، فلما عاد ابن الفرات إلى الوزارة ظهر فأشخصه ابن الفرات الوزير وقربه وأحسن إليه .
وحكى عبد الرحمن أبو الفرج بن الجوزي في تاريخه المنتظم أنه لما قلد الوزارة خلع عليه سبع خلع وحمل إليه من دار السلطان ثلاثمائة ألف درهم ، وعشرون خادماً ، وثلاثون دابة لرحلة ، وخمسون دابة لغلمانه ، وخمسون بغلاً لنقله ، وبغلان للعمارية بقبابها وثلاثون جملاً ، وعشر تخوت ثيابٍ وأنه ركب معه مؤنس الخادم ، وغلمان المقتدر ، وصار إلى داره بسوق العطش ، وردت إليه ضياعه ، وأقطع الجار التي بالمخرم فسكنها . وأنه سقى الناس في ذلك اليوم وتلك الليلة أربعين ألف رطل ثلج ، وزاد ثمن الشمع والكاغد وكانت هذه عادته قال : وكانت مدة اعتقاله إلى أن رجع إلى الوزارة خمس سنين وأربعة أيام . قال : وسمع بعض العوام يقول يوم خلع على ابن الفرات : والله خذلونا ، أخذوا منا مصحفاً وأعطونا طنبوراً فبلغ ذلك إلى الخليفة ، فكان ذلك سبباً للإحسان إلى علي بن عيسى وحسن النية فيه إلى أن خرج من الحبس والله تعالى أعلم .
ذكر أمر يوسف بن أبي الساج
كان يوسف بن أبي الساج على أذربيجان وأرمينة قد ولي الحرب والصلاة والأحكام وغيرها منذ أول وزارة ابن الفرات الأولى ، فلما عزل ابن الفرات وتولي الخاقاني طمع فأخر حمل بعض المال ، فاجتمع له من المال ما قويت به نفسه على الامتناع ، وبقي كذلك إلى هذه السنة . فلما بلغه القبض على الوزير علي بن عيسى أظهر أن الخليفة أنفذ إليه عهد الري وأن الوزير علي بن عيسى سعى له في ذلك ، وجمع العساكر وسار إلى الري وبها محمد بن صعلوك يتولى أمرها لصاحب خراسان نصر بن أحمد الساماني . وكان ابن صعلوك قد تغلب على الري وما يليها أيام وزارة