كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 23)

"""""" صفحة رقم 240 """"""
محمدٍ ( صلى الله عليه وسلم ) ، وذِمة الخلفاء الراشدين من آله وآبائه ، وذمة نفسه . . أن لا يبدَّل ، ولا يغيَّر ولا يحوَّل ، ولا يزول ، وأشهد الله تعالى وملائكته على ذلك ، وكفى بالله شهيداً . . وأشهد من وقع اسمه في هذا وهو جائز الأمر ، ماضي القول والفعل بمحضرٍ من ولى عهده المأمون أبي المطرف عبد الرحمن بن المنصور - وفقه الله - وقبوله ما قلّده ، وإلزامه نفسه ما ألزمه ، وذلك في شهر ربيع الأول سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة " .
ثم كتب الوزراء والقضاة والفقهاء شهاداتهم بذلك ، فلما تمّ له ما أراد من ولاية العهد ودُعي على المنابر ، أخذ في التخليط وارتكاب المحرّمات . ثم عزم على الغزاة ، وتقدّم إليه هشام أن يتعمّم هو وسائر الجند ففعل ، وخرجوا في العمائم - وكانوا بها في أقبح زي لمخالفة العادة - وذلك في يوم الجمعة لاثنتي عشرة خلت من جمادى الأولى .
وسار للغزاة وعي المعروفة بغزوة الطين ، وقيل إنه انتهى إلى طليطلة ، فأتاه الخبر بقيام محمد بن هشام بن عبد الجبار وخلعه للمؤيد ، وأنه أخرب الزاهرة ، فخلف الناس لنفسه ، ثم تفرقوا عنه ، والتحقوا بمحمد بن هشام وكان من أمره وأمر المؤيد ما نذكره في أيام محمد بن هشام بن عبد الجبار
ذكر إمارة محمد المهدي
هو أبو الوليد محمد بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر ، وهو الحادي عشر من ملوك بني أمية بالأندلس استولى على الأمر في جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة ، ونحن نذكر سبب ذلك وكيف كان خروجه وكيف استولى على الأمر ، لأن في ذلك من الغرائب والحوادث ما يتعين إيراده بسببه ويفيد تجرُّبه ، ويعتبر به مَنْ يتأمله ، ويعلم أن المقادير تجري على غير قياس ، وإذا أراد الله أمراً هيّأ أسبابه . وكان ابتداء هذا الأمر أن هشام بن عبد الجبار والد محمد المهدي هذا قد ترشّح لطلب هذا الأمر لنفسه ، وعزم على خلع هشام المؤيد ، فبلغ ذلك المظفر عبد الملك فقتل هشام بن عبد الجبار قبل أن يستحكم أمره في سنة تسع وتسعين . وكان محمد بن هشام جسوراً مقداماً شجاعاً ، ولم يتهيأ له أمرٌ لهيبة عبد الملك واجتماع جنده ، فلم يزل محمد يترصّد الأمر حتى مات عبد الملك وولى عبد الرحمن . وتطاول لولاية العهد ونالها ، وخرج للغزاة - على ما قدّمنا - فخلا البلد

الصفحة 240