كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 23)
"""""" صفحة رقم 252 """"""
وكانت العبيد لما خرجوا من قرطبة عند دخول البربر إليها ملكوا مدناً عظيمة وتحصّنوا فيها ، فراسلهم علي بن حمّود وذكر أن هشام بن الحكم لما كان محاصَراً بقرطبة كتب إليه يوليه عهده فاستجاب له العبيد وبايعوه . فزحف من سبتة إلى مالقة وفيها عامر بن فتوح الفائقي مولى فائق - مولى المستنصر - فأطاعه وأدخله مالقة . فملكها عليُّ بن حمود وأخرج عنها عامر بن فتوح ثم زحف بمن معه من البربر وجمهور العبيد إلى قرطبة ، فأخرج له المستعين ولده - ولي عهده محمد بن سليمان - في عساكر البربر ، ومعه أحمد بن سعيد الوزير . فانهزموا ، ورجع محمد بن عبد الله الزناتي إلى قرطبة ، وأخرج المستعين بالله وضمن له أن يقاتل بين يديه . فلما قربوا من عسكر علي بن حمود قادوه بلجام بغلته وسلموه لعلي ، فلما حصل في يده دخل القصر في يوم الأحد لسبع بقين من المحرم سنة سبع وأربعمائة ، وضرب عنق سليمان بيده وقتل أباه الحكم - وهو شيخ كبير له اثنتان وسبعون سنة - فكانت مدة ولاية سليمان ثلاث سنين وثلاثة أشهر وأياماً . وكان مولده سنة أربع وخمسين وثلاثمائة ، وكان أديباً شاعراً ، فمن شعره :
عجباً يهاب الليث حدّ سِناني . . . وأهاب لحْظ فَواتِر الأجفان
وهي أبيات عارض بها العباس بن الأحنف في أبياته التي أنشدها على لسان الرشيد التي أولها :
ملّكّ الثلاثُ الآنسات عناني . . . وحللْن من قلبي بكلّ مكان
وقد ذكرنا ذلك في باب الغزل والنسيب ، قال : ولما قتل سليمان بن الحكم هذا انقطعت دعوة بني أمية من سائر أقطار الأندلس وقامت دعوة الفاطميين بها . وولى منهم ثلاثة ملوك وهم علي بن حمود ، والقاسم بن حمود أخوه ، ويحيى بن علي ، ثم عادت بعد ذلك الدعوة الأموية على ما نذكره إن شاء الله تعالى .
ذكر إمارة الناصر علي بن حمود
ابن ميمون بن أحمد بن علي بن عبد الله بن عمر بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، ملك قرطبة لسبع بقين من المحرم سنة سبع وأربعمائة على ما ذكرناه ، وخوطب بأمير المؤمنين ، وتلقّب بالناصر . ولما دخل
الصفحة 252
288