كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 23)
"""""" صفحة رقم 254 """"""
قال : وأما القاسم فقصد إشبيلية وبها ابناه محمد والحسن فلما عرف أهل إشبيلية خروجه عن قرطبة ومجيئه إليهم طردوا ابنيْهِ ومن كان معهما ، وضبطوا بلدهم وقدَّموا على أنفسهم ثلاثة رجال ؛ منهم القاضي أبو القاسم محمد بن إسماعيل بن عبّاد اللخمي ، ومحمد بن مرثم الإهابي ، ومحمد بن محمد بن الحسن الزبيدي ، ومكثوا كذلك أياماً مشتركين في سياسة البلد وتدبيره ، ثم انفرد القاضي أبو القاسم بن عباد على ما نذكره إن شاء الله .
ولحق القاسم بشريش ، واجتمع البربر على تقديم ابن أخيه يحيى ، وحصروا القاسم حتى صار في قبضة ابن أخيه . وانفرد بولاية البربر ، وبقي القاسم أسيراً عنده وعند أخيه إدريس إلى أن مات إدريس ، فقُتل القاسم خنْقاً في سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة ، وحُمِل إلى ابنه محمد بن القاسم بالجزيرة فدفنه هناك .
وكانت ولاية القاسم تَّسمَّى بالخلافة بقرطبة إلى أن أسره ابن أخيه ستة أعوام ، ثم كان مقبوضاً عليه ستَّ عشرة سنةً عند ابنَيْ أخيه إلى أن مات - قيل ومات وهو ابن ثمانين سنة - وله من الولد محمد والحسن وأمهما أميرة بنت الحسن بن فنون بن إبراهيم العلوي .
ذكر ولاية المعتلي يحيى بن علي
وكنيته أبو إسحاق ، وقيل أبو محمد تَسمَّى بالخلافة بقرطبة في سنة ثلاث عشرة وأربعمائة ، ثم هرب منها إلى مالقة في سنة أربع عشرة . ثم سعى قومٌ من المفسدين لأي إعادة دعوته بقرطبة في سنة ست عشرةَ ولم يدخلها ، واستخلف عليها عبد الرحمن بن عطاف ، ثم قطعت خطبته من قرطبة في سنة سبع عشرة . وبقي يتردد إليها بالعساكر إلى أن اتفق جماعة البربر على طاعته ، وسلموا إليه الحصون والقلاع والمدن ، وعظم أمره فصار بقرمونة ليحاصر مدينة إشبيلية . فخرج يوماً وهو سكران إلى خَيْلٍ ظهرت من إشبيلية بقرب قرمونة ، فلقيها وقد كمن له كمناء ، فلم يكن بأسرع من أن قتل ، وذلك في يوم الأحد لسبعٍ خلون من المحرم سنة سبع وعشرين وأربعمائة ، وكان له من الولد الحسن وإدريس .
الصفحة 254
288