كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 23)
"""""" صفحة رقم 255 """"""
ذكر عود الدولة الأموية بمدينة قرطبة ومن ولى منهم
أ - ذكر إمارة المستظهر بالله
هو أبو المطرّف عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار - أخو المهدي - بويع له بالخلافة بقرطبة لثلاث عشرة من شهر رمضان سنة أربع عشرة وأربعمائة . وذلك أن أهل قرطبة لما هزموا البربر وأخرجوا القاسم - كما قدمنا - اتفق رأيُهُم على ردِّ الأمرِ إلى بني أمية . فاختاروا منهم ثلاثة ، وهم عبد الرحمن هذا ، وسليمان بن المرتضى ، ومحمد بن عبد الرحمن . فاتفق رأيهم على إمارة عبد الرحمن فبايعوه ، وتلقب بالمستظهر ، وكان مولده في ذي القعدة سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة . وقام عليه محمد بن عبد الرحمن مع طائفة من أرذال العوام فقتل عبد الرحمن لثلاث بقين من ذي القعدة منها ، وقيل لثلاث خلون منه . وكان في غاية الأدب ، وله شعر . وزيره الفقيه أبو محمد علي بن أحمد بن حزم .
ب - ذكر إمارة المستكفي بالله
هو أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن الناصر بن هشام المستظهر ، وأمه أم ولد اسمها حوراء ولي بعد قتل المستظهر لثلاث خلون أو بقين من ذي القعدة سنة أربع عشرة وأربعمائة ، وله ثمان وأربعون سنةً . وكان أبوه ممن قتله الوزير محمد بن أبي عامر في أوَّل دولة المؤيد هشام لِسعْيه في القيام وطلبه الأمر ، فولي محمد هذا عشرة أشهرٍ وأياماً ، وخُلع . وقيل بل خلع في يوم الثلاثاء لخمسٍ بقين من شهر ربيع الأول سنة ستَّ عشرة ، وخرج من قرطبة يريد الثَّغْرَ فمات بقريةٍ من قُرى شنت مرية في أول شهر ربيع الآخر منها ، فكانت مدة مملكته بقرطبة على هذا القول سنةً وأربعة أشهر . وكان الحاكم في أيامه صاحب المظالم محمد بن عبد الرؤوف .
وكان محمد بن عبد الرحمن في نهاية التخلف ، صاحب أكلٍ وشربٍ ونكاح ، ولم يزل مُتَغَلباَ عليه طولَ ولايته لا ينفذ له أمر ، ولا عقب له . وقيل في وفاته إنه لما هرب من قرطبة سار حتى انتهى إلى قرية يقال لها سمّونت من أعمال مدينة سالم ، فجلس ليأكل وكان معه عبد الرحمن بن محمد بن سليم - من ولد سعيد بن المنذر - فكره التمادي معه ، فَسمَّه في دجاجة فمات لوقته ، فَقَبْرهُ هناك . ولما خلع أَعيدت خطبة يحيى بن علي الفاطمي ، ثم قطعت وأُعيدت الخطبة للدولة الأموية .
الصفحة 255
288