كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 23)

"""""" صفحة رقم 259 """"""
وسمَّى حصوناً من حصون المسلمين بين طليطلة وبينه - وتجعل لي عليك مآلاً في كل سنة .
فأجابه يحيى إلى ما طلب ، وسلَّمَّ إليه الحصون ، ورجع إلى طليطلة شر رجوع . وتواتر الخِذلانُ عليه إلى أن مات في سنة ستين وأربعمائة ، وصارت ولايته إلى ابنه القادر يحيى ، فدام بطليطلة إلى أن ملكها الفرنج .
قال : ولما ملك امتدت يده إلى أموال الرعية ، واستعمل السفلة وأهل الثغور ، ولم تزل النصارى تطوى حصونه حصناً بعد حصن حتى استولوا على طليطلة في سنة ثمانٍ وسبعين بعد أن حاصرها ألفونش سبع سنين وملكها ، واتخذها دار ملكٍ ، وغيَّر جامعها كنيسة وردَّ المسلمين إلى مسجدٍ غيره وعوَّضهم مالاً وقال : هذه كنيسةٌ كانت لنا فردّها الله علينا وانتقل القادر بالله إلى بلنسية فقبله القاضي الأحنف بن حجاب .
ذكر أخبار دولة بني عباد
وابتداء أمرهم ومن ملك منهم إلى أن انقضت مُدُّتهم وانقرضت دولتهم أول من قام منهم القاضي محمد بن إسماعيل بن قريش بن عبّاد بن عمرو بن عطاف بن نعيم - ونعيم وابنه عطاف هما دخلا إلى الأندلس من المشرق - وهم من لخم من بني المنذر بن المنذر ، وفيهم يقول الشاعر :
من بني المنذر وهو انتسابٌ . . . زاد في فخره بنو عبّاد
فيه لما تلد سواها المعالي . . . والمعالي قليلة الأولاد
وكان محمد بن إسماعيل هذا قد تقدّم بإشبيلية إلى أن ولي القضاء ، فأحسن السياسة مع الرعية والملاطفة بهم ؛ فرمقته العيون ، ومالت إليه القلوب . فلما كان في سنة ثلاث عشرة وأربعمائة ولي يحيى بن علي الفاطمي قرطبة ، وكان من أمره وأمر عمِّه القاسم ما ذكرناه . ثم إنَّ أهل قرطبة أخرجوا القاسم بن حمود فقصد مدينة إشبيلية ثم فارقها ، وقصدها بعد ذلك يحيى بن علي المعتلي ونزل بقرمونة لحصار مدينة إشبيلية وكانت الرئاسة بها بين ثلاثة - كما ذكرنا ذلك - فاجتمع وجوده المدينة وفيهم حبيب ابن عامر القرشي ومحمد بن مرثم الإهابي ومحمد الزبيدي وغيرهم . وأتوا إلى أبي القاسم محمد بن إسماعيل وقالوا : ما ترى ما نحن فيه وما حلَّ بنا من هذا الكافر وما أفسد من أموال الناس ، فقم بنا نخرج إليه ونملكك ونجعل الأمر لك وننتصر لهشام

الصفحة 259