كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 23)

"""""" صفحة رقم 267 """"""
فسار القاضي ، وصحبه أبو بكر بن القصيرة الكاتب إلى أمير المسلمين ، فوجداه بسبتة ، فأبلغاه الرسالة . وأعلماه بحال المسلمين وما هم عليه من الخوف والجزع من الأذفونش ، وأنهم يستنصرون بالله ثم به ؛ وأن المعتمد يستنجد عليه . فأمر يوسف في الحال بإدخال العساكر إلى الجزيرة الخضراء ، وأقام بسبتة وأنفذ إلى مراكش في طلب من بقي ، ودخل في آخر العساكر . . هذا ما نقله أهل التاريخ ، أن القاضي وابن القصيرة كانا رسولين إليه ، وقيل إن المعتمد بن عبّاد سار بنفسه بغير واسطةٍ وتلطَّف في الدخول عليه إلى أن انتهى إلى آخر بواب فقال له : قل لأمير المسلمين إن ابن عبّاد بالباب فلما أعلمه بذلك ارتاع وظن أنه قدم بعساكره ، وسأله عن حقيقة الحال فقال : هو ببابك وحده فأذن له ، فدخل عليه ، فأكرمه ووعده النصر . وعاد ابن عباد ولحقه أمير المسلمين .
ذكر وقعة الزلاقة وانهزام الفرنج لعنهم الله
قال : وجمع المعتمد العساكر وأقبل أمير المسلمين بعساكره ، واجتمعوا كلهم بإشبيلية ، وخرج من أهل قرطبة - من المتطوعين - أربعة آلاف فارس وراجل . وجاء المسلمون من بلاد الأندلس ، من كل بلد وحصن . واتصلت الأخبار بالأذفونش ، فخرج من طليطلة في أربعين فارس غير من أنضاف إليها ، وكتب إلى يوسف كتاباً كتبه عنه رجل من أدباء المسلمين يغلظ فيه القول ويصف ما عنده من القوة والعُدد والعَدد ، ووسّع وأطال وبالغ . ووصل الكتاب إلى يوسف بن تاشفين فأمر الكاتب أبا بكر بن القصيرة أن يجاوبه . وكان كاتباً مجيداً - فكتب وأطال وبالغ ، فلما قرأه على يوسف استطاله وكتب على ظهر كتابه " الذي يكون ستراه "
ولا كتب إلى المشرفيَّة والقنا . . . ولا رسل إلا بالخميس العرمرم
وردّه إليه ، فلما قرأ الجواب ارتاع وقال : هذا رجلٌ له عزم قال : ولما استعد الأذفونش للِّقاء رأى في منامه كأنه راكبٌ فيلاً وبين يديه طبل صغير ينقر فيه ، فقصَّ ذلك على القسيسين فلم يعرفوا تأويله ، فاستحضر رجلاً مسلماً عالماً ديِّناً فاستعفاه من القول فأمَّنه وعزم عليه ، فقال : تأويل هذه الرؤيا في آيتين من كتاب الله عزَّ وجلَّ

الصفحة 267