كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 23)
"""""" صفحة رقم 27 """"""
تطلب من بيت مال الخاصة فاحتج بقلة الارتفاع وما أخذه ابن أبي الساج منه وما خرج على محاربته ، فلم يسمع المقتدر حجته وتنكر له . وقيل كان سبب قبضه أن المقتدر قيل له إن ابن الفرات يريد إرسال الحسين بن حمدان لمحاربة ابن أبي الساج فإذا صار عنده اتفقا عليك . ثم إن ابن الفرات قال للمقتدر أن يرسل ابن حمدان لحربه فقتل ابن حمدان في جمادى الأولى ، وقبض ابن الفرات في جمادى الآخرة .
قال : وكان بعض العمال قد ذكر لابن الفرات ما يتحصل لحامد بن العباس من أعمال واسط . زيادة على ضمانه فاستكثره ، وكاتبه في ذلك ، فخاف حامد أن يؤخذ ويطالب بالمال ، فكتب إلى نصر الحاجب وإلى والده المقتدر وضمن لهما مالاً ليتحدثا له في الوزارة . فذكر المقتدر حاله وسعة نفسه وكثرة أتباعه وأن له أربعمائة مملوك يحملون السلاح ، ووافق ذلك نفرة المقتدر عن ابن الفرات فأمره بالحضور من واسط ، فحضر وقبض على ابن الفرات وولده المحسن وأصحابهما وأبنائهما .
ولما وصل حامد إلى بغداد أقام ثلاثة أيام في دار الخلافة ، فكان يتحدث مع الناس وضاحكهم يقوم لهم ، مبان للخدم وحاشية الدار قلة معرفته بالوزارة ، وقال له حاجبه يا مولانا . . . الوزير يحتاجُ إلى لبسة وجلسة وعبسة فقال له : تعني أنه يلبس ويقوم ويعقد ولا يقوم لأحد ولا يضحك في وجه أحد ؟ قال نعم قال حامد : إن الله تعالى أعطاني وجهاً طلقاً وخلقاً حسناً وما كنت بالذي أعبس وجهي وأقبح خلقي لأجل الوزارة فأمر المقتدر بإطلاق علي بن عيسى من محبسه ، وجعله يتولى الدواوين شبه النائب عن حامد فكان يراجعه في الأمور ويصدر عن رأيه .
ثم إنه استبد بالأمور دون حامد ، ولم يبق لحامد غير اسم الوزارة ومعناها لعلي حتى قيل فيهما : أعجب من كل ما تراه . . . أن وزيرين في بلاد
هذا سواد بلا وزير . . . وذا وزير بلا سواد
قال أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي : وفي هذه السنة أمرت السيدة أم المقتدر . قهرمانة لها تعرف بثمل أن تجلس بالتربة التي بنتها بالرصافة للمظالم وتنظر في رقاع الناس في كل جمعة ، فجلست وأحضرت القاضي أبا الحسين الإشناني وخرجت التوقيعات على السداد - قال - وقال أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد