كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 23)

"""""" صفحة رقم 271 """"""
وكفاني كلامك الرطب نيلاً . . . كيف ألقى دُرَّاً وأطلب تِبرا
لم تمت إنما المكارم ماتت . . . لا سقى الله بعدك الأرض قطرا
مما قاله المعتمد من شعره في مدة أسره - فمن ذلك - قوله :
سلَّت على يد الخُطوب سيوفها . . . فجررن من جسدي الخصيف الأمتنا
ضربت بها أيدي الضروب وإنما . . . ضربت رقاب الآمنين بها المنى
يا آملي العادات من نفحاتنا . . . كفُّوا فإن الدهر كفَّ أكُفَّنا
وقال في قصيدة يصف القيد في رجليه :
تعطَّف من ساقي تعطُّف أرقمٍ . . . يساورها عضَّا بأنياب ضيغم
وإنِّي من كان الرجال بسيبه . . . من سيفه في جنَّةٍ وجهنم
وقال في يوم عيدٍ :
فيما مضى كنت بالأعياد مسروراً . . . فصرت كالعبد في أغمات مأسورا
قد كان دهرك إن يأمره ممتثلاً . . . فردَّك الدَّهر منهياً ومأمورا
من بات بعدك في مُلكٍ يُسرُّ به . . . فإنما بات بالأحلام مغرورا
وتعرَّض له أهل الكُدية وهو في الحبس فقال :
سألوا اليسير من الأسير وإنه . . . بسؤالهم لأحق منهم فاعجب
لولا الحياء وعزَّة لخميةٌ . . . طيُّ الحشا لحكاهم في المطلب
ورثا ولديه وقد ذُبحا بين يديه فقال :
يقولون صبراً . . لا سبيل إلى الصَّبر . . . سأبكي وأبكي ما تطاول من عمري
أفتح . . لقد فتَّحت لي باب رحمةٍ . . . كما بيزيد الله قد زاد في أجري
هوى بكما المقدار عنِّي ولم أمت . . . فأُدعى وفياً قد نكصت إلى الغدر
ولو عُدتما لاخترتما العود في الثَّرى . . . إذا أنتما أبصرتماني في الأسر
أبا خالدٍ أورثتني البثَّ خالداً . . . أبا النَّصر مُذ ودَّعت ودَّعني نصري
قال : وكان الشيخ عبد الجبار بن أبي بكر بن محمد بن حمديس توجه من

الصفحة 271